عدد المساهمات : 116 شكروتقدير : 0 تاريخ التسجيل : 08/12/2009
موضوع: حروف المعانى الجمعة ديسمبر 11, 2009 5:45 am
الفصل الرابع
حروف المعاني
حروف المعاني وأقسامها :
تعريف الحرف ، وسبب تسميته :
تقسيم الحروف من حيث عملها :
الحروف العاملة . الحروف غير العاملة .
تقسيم الحروف العاملة إلى :
حروف عاملة في الجر . حروف عاملة في النصب .
حروف عاملة في الرفع . حروف عاملة في الجزم .
تقسيم الحروف من حيث مكانها في الكلام :
حروف تأتي قبل الاسم . حروف تأتي قبل الفعل . حروف تأتي قبل الاسم والفعل .
تعريف الحرف ، وسبب تسميته :
توطئة :
تعرض أكثر النحويين قديمهم وحديثهم لتعريف الحرف ، كما عرفوا الاسم والفعل ، ولم يلحق تعرفهم لهما خلاف في الرأي ، أما الحرف فلم يكن حظه من توافق الآراء مواتيا كما كان تقسيمه ، بل كان وما يزال محور خلاف النحويين ، ونحن في هذا الكتاب وحسب ما رسمنا لأنفسنا من منهج قررنا ألا نتعرض لخلافات النحويين حول مسألة من المسائل ، بل نأخذ بأيسر الأمور ، وأكثرها توافقا مع جمهور النحويين ، وكنا رأينا في هذا الباب ، ومن أجل زيادة المنفعة أن نتعرض لآراء كل من الفريقين في تعريف الحروف وتحليلها والتعليق عليها ، واستنتاج ما يمكن استنتاجه من هذه الآراء ، والتقريب بين وجهات النظر ، لعلنا نستطيع أن نصل إلى ما يرضي الدارس ، ويقنعه دون أن يبقى موزع الذهن بين موافق ، ومعارض ، فإن أصبت فيما صبوت إليه فذلك من فضل الله ، وإن جانبني الصواب يكون مما دفعتني إليه بصيرتي ، وأطلب العفو من الله ، وأن يهدينا إلى الصواب .
قبل أن نتعرض لآراء النحويين نود أن نعرض جملة من التعريفات المختلفة ذكرها صاحب كتاب إصلاح الخلل الواقع في كتاب الجمل للزجاجي ، ورد عليها .
يقول البطليوسي في مسألة عن الحرف ، قال أبو القاسم الزجاجي :
" والحرف ما دل على معنى في غيره ، نحو : من ، وإلى ، وثم ، وما أشبه ذلك " .
وقد خطّأ البطليوسي أبا القاسم الزجاجي في هذا التعريف ، لأنه تعريفا ناقصا ، ولا تستقيم صحته حتى يزاد فيه " ولم يكن أحد جزأي الجملة المفيدة " أي : ما لم يكن خبرا ، ولا مخبرا عنه .
ثم قال : وعرفه سيبويه بقوله : " ما جاء لمعنى ليس باسم ، ولا فعل " .
وعلق البطليوسي على تعريف سيبويه ، بأنه أتم التعريفات فائدة ، ولو يدخله الخلل .
وتعرض البطليوسي لجملة من التعريفات ، ورد عليها ، فقال : لقد عرف الأخفش الحرف بقوله : الحرف ما لم يحسن له الفعل ، ولا الصفة ، ولا التثنية ، ولا الجمع ، ولم يجز أن يتصرف " . ثم علق على هذا التعريف بقوله : إنه خطأ ، لأن الفعل داخل في هذا التحديد ، فمن الأفعال ما لا يتصرف : نعم ، بئس ، وعسى ، وكذلك أسماء الأفعال : صه ، ومه ، وغيرها .
وأورد تعريف المبرد للحرف فقال قال أبو العباس المبرد : " الحرف ما كان موصلا الفعل إلى اسم ، أو عاطفا ، أو تابعا لتحدث به معرفة ، أو كان عاملا " .
وعلقق عليه البطليوسي بقوله : إنه فاسد أيضا ، لأن الحرف ما تأتى لمعنى الاستفهام ، ولمعنى الاستثناء ، ولمعنى النفي ، ولمعنى القسم ، والتمني ، والنهي ، وغير ذلك . ثم استعرض تعريف أبي إسحاق الزجاج للحرف فقال : قال أبو إسحاق الزجاج :
" الحرف ما لم يكن صفة لذاته ، وكان صفة لما تحته " .
نحو : مررت برجل فاضل ، ففاضل صفة لذاته .
ونحو : مررت برجل في الدار ، فقولك في الدار صفة لما تحته لا لذاته .
ورد عليه البطليوسي قائلا : إن أبا إسحق قصد بالصفة المعنوية ، لا اللفظية ، والفعل يشترك مع الحرف في هذا المعنى .
فإذا قلت : مررت برجل يضرب زيدا .
فـ " يضرب " صفة معنوية ، لا لفظية ، وكذلك الجمل الخبرية تكون صفات بمعانيها ، لا بألفاظها .
ثم استعرض تعريف أبي نصر الفارابي للحرف ، فقال : قال الفارابي في تحديد الحرف : " الأداء لفظ يدل على معنى مفرد لا يمكن أن يفهم بنفسه " .
وعلق البطليوسي عليه بقوله : لقد حده دون أن يقرن باسم ، أو كلمة ، وهذا تحديد صحيح ، وشبهه بتعريف سيبويه السابق ، وبتعريفه نفسه (1) .
كانت تلك جملة من التعريفات التي استعرضها البطليوسي في كتابه إصلاح الخلل الواقع في كتاب الجمل للزجاجي ، وتقويمه لها ورده عليها . ومن خلال استعراضنا السريع لما ذكره البطليوسي ، لم نقف فيه على جديد في تعريف الحرف ، أو وضع تعريف معين لما يمكن للنحاة الاتفاق عليه . وخلاصة ما سبق أن البطليوسي صحح ـ لا أكثر ، ولا أقل ـ لبعض النحاة تعريفاتهم التي كان يرها فيها خللا من وجهة نظره لعدم دقة تعبيرها ، ثم أقر بأن أدق التعبيرات في حد الحرف هو ما ذكره سيبويه في كتابه ، ثم ما عرفه به البطليوسي نفسه . وهذا الذي ذكرنا لا يكفي للوقوف على تعريف الحرف تعريفا دقيقا ، لأن فيه من التباين ، والاختلاف ما يضع الدارس في متاهة لا يحسن الخروج منها ، لذلك رأينا أن نستعرض آراء أئمة النحو غير الذين ذكرنا لعلنا نصل إلى جديد ، وبالله التوفيق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ راجع كتاب إصلاح الخلل الواقع في الجمل للزجاجي ،
لعبد الله بن السيد البطليوسي ص 27 ، 31 بتصرف .
عرض الآراء : ـ
انقسم النحويون في تعريف الحرف إلى فريقين ، فريق يقول بدلالة الحرف على معنى في غيره ، وفريق يقول بدلالته على معنى في نفسه ، كما هو الحال في الاسم ، والفعل ، وسوف نستعرض معا أقوال كل من الفريقين لعلنا نصل إلى جديد .
أولا ـ آراء الفريق القائل بدلاله الحرف على معنى في غيره :
1 ـ الزمخشري : وهو أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري صاحب كتاب المفصل في علم العربية قال : " الحرف هو ما دل على معنى في غيره ، ومن ثم لم ينفك من اسم ، أو فعل يصحبه إلا في مواضع مخصوصة حذف فيها الفعل واقتصر على الحرف فجرى مجرى النائب " (1) .
2 ـ ابن يعش : موفق الدين يعش بن على بن يعش صاحب كتاب شرح المفصل ، لقد تابع ابن يعش الزمخشري في تعريف الحرف ، فقال شارحا معنى قول الزمخشري " وقولنا دلت على معنى في غيرها ـ يعني الكلمة المقصود بها الحرف ـ فصل ميزه ـ أي الحرف ـ من الاسم والفعل ، إذ معنى الاسم ،والفعل في أنفسهما ، ومعنى الحرف في غيره " (2) . ثم مثل على قوله بكلمة ( الغلام ) بأنه قد فهم منها المعرفة ، ولكن إذا ذكرت كلمة " أل " مفردة لو يفهم منها معنى ، وإذا قرنت بما بعدها من اسم أفادت التعريف فيه ، وهذا معنى دلالتها في غيرها .
3 ـ ابن عقيل : بهاء الدين عبد الله بن عقيل صاحب شرح الألفية قال : " وإن لم تدل على معنى في نفسها ـ يعني الكلمة ـ بل في غيرها فهي الحرف " (3) .
4 ـ ابن الناظم : أبو عبد الله بدر الدين محمد بن جمال الدين محمد بن مالك صاحب الألفية قال في شرحه على ألفية والده : " هذه الحروف ـ يعني حروف الجر ـ كلها مستوية
ـــــــــــــــــ
1 ـ المفصل ص 283 .
2 ـ شرح المفصل ج8 ، ص2 .
3 ـ شرح ابن عقيل ج1 ، ص15 .
في الاختصاص بالأسماء ، والدخول عليها لمعان في غيرها " (1) .
5 ـ الحسن بن قاسم المرادي صاحب كتاب الجنى الداني في حروف المعاني قال : " وقد حد الحرف بحدود كثيرة ومن أحسنها قول بعضهم : الحرف كلمة تدل على معنى في غيرها فقط " ثم فسر ذلك بقوله : " إن دلالة الحرف على معناه الإفرادي غير متوقفة على ذكر متعلق ألا ترى أنك إذا قلت " الغلام " فهم منه التعريف ، ولو قلت " أل " مفردة لم يفهم منه معنى ، فإذا قرن بالاسم أفاد التعريف " (2) .
6 ـ وممن تابعهم من النحاة المحدثين عباس حسن فقال في كتابه النحو الوافي : " الحروف : من ، في ، على ... إلخ لا تدل كل كلمة من الكلمات السابقة على معنى ، أي معنى ، مادامت منفردة بنفسها . لكن إذا وضعت في كلام ظهر لها معنى لم يكن من قبل " . ثم قال في مكان آخر : " فالحرف كلمة لا تدل على معنى في نفسها ، وإنما تدل على معنى في غيرها فقط ـ بعد وضعها في جملة ـ دلالة خالية من الزمن " (3) .
7 ـ أبن جني : أبو الفتح عثمان بن جني صاحب كتاب اللمع في العربية قال : " والحرف ما لم تحسن فيه علامات الأسماء ، ولا علامات الأفعال ، وإنما جاء لمعنى في غيره " (4) .
ثانيا ـ الفريق القائل بدلالة الحرف على معنى في نفسه :
1 ـ من الفريق الثاني الذين عرفوا الحرف بأنه يدل على معنى في نفسه محمد بت إبراهيم النحاس الحلبي صاحب كتاب إعراب القرآن ، فقد ورد في كتاب اللامات للدكتور عبد الهادي الفضلي نقلا عن بغية الوعاة ما نصه : " كان محمد بن إبراهيم النحاس الحلبي النحوي يذهب إلى أن الحرف معناه في نفسه على خلاف قول النحاة قاطبة
ـــــــــــــــ
1 ـ شرح ابن الناظم على الألفية .
2 ـ الجنى الداني ص20 ، 22 .
3 ـ النحو الوافي ج1 ، ص62 ، 63 .
4 ـ اللمع ص 91 .
أن معناه في غيره " ، وقد تابعه في هذا الرأي أبو حيان الأندلسي المتوفى سنة 745 هـ ، قال ابن هشام في شرح اللمحة البدرية : " والثاني دعوى دلالة الحرف على معنى في غيره وهذا وإن كان مشهورا عند النحويين إلا أن الشيخ بهاء الدين أبن النحاس نازعهم في ( التعليقة ) وزعم أنه دال على معنى في نفسه ، وتابعه المؤلف ( ابو حيان ) في شرح التسهيل " (1) .
واستطرد الفضلي قائلا : " وأشار الدكتور هادي نهر في هامشه على اللمحة البدرية إلى دليل ابن النحاس بالتالي : وحجة ابن النحاس في دلالة الحرف على معنى في نفسه هي أنه إذا خوطب بالحرف من لا يفهم موضوعه لغة كان كذلك ، وإن خوطب به من يفهمه فإنه يفهم منه معنى ، عملا بفهمه موضوعَه لغة ، كما إذا خوطب بـ " هل " من يفهم أن موضوعها الاستفهام ، وكذلك سائر الحروف ، قال : والفرق بينه وبين الاسم والفعل أن المعنى المفهوم منه مع غيره أتم من المعنى المفهوم منه في حال الإفراد بخلافهما ، فالمفهوم منهما في التركيب غير المفهوم منهما في الإفراد " (2) .
وبعد أن استعرضنا أقوال الفريقين يمكننا أن ندرك أن الفرق واضح بين الرأيين ، فالفريق الأول ـ ويشمل جل النحويين ـ مجمع على أن معنى الحرف لا يدرك في حالة انفراده ، أي إذا لم يكن الحرف في بناء من أبنية الكلام المفيد ، كأن نذكر حرف الجر " في " ، أو " إلى " دون ارتباطه بكلام لآخر في جملة مفيدة يحسن السكوت عليها ، وإنما يدرك معنى الحرف ، أو يكون له دلالة لغوية عندما يكون في جملة مفيدة ، لأنه يكتسب معناه ، أو يظهر معناه الكامن في ذاته من خلال تلاحمه مع مفردات الجملة المساندة له ، وهذا معنى قولهم "في غيره " ، فالضمير في غيره عائد إلى الألفاظ ، بمعنى أن الحرف لا يظهر معناه إلا من خلال انضمامه إلى ألفاظ أخرى ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ، 2 ـ اللامات للدكتور عبد الهدى الفضلي ص 56
نقلا عن شرح اللمحة البدرية ج1 ، ص214 .
فكلمة " في " مثلا لا يظهر معناها إلا إذا انضمت إلى كلمات أخرى ، كأن تقول : في الإبريق ماء .
فمعنى الظرفية الذي تدل عليه " في " لم يظهر إلا من خلال انضمامها إلى كلمة " ماء " ، و كلمة " الإبريق " . وشأن الحرف في ظهور معناه في هذه الحالة ، كشأن المبتدأ والخبر ، فكل منهما متمم الفائدة للآخر ، أي لا يتم معنى المبتدأ باعتباره مبتدأ إلا حيث وجد معه الخبر ، وكذلك الحال بالنسبة للحرف ، فمعناه لا يظهر إلا حيث كان معه كلام آخر يوضح دلالته .
أما رأي الفريق الثاني وقد قال به قلة من النحاة ندرك منه أن دلالة الحرف عندهم لا تحتاج إلى مساعد ، أو بتعبير أوضح لا يحتاج إلى بناء لغوي يلتحم معه حتى تظهر دلالته ، وإنما تظهر دلالته في نفسه ، أي منفردا ، كما تظهر حين ارتباطه بكلام آخر ، وهذا ما قصده أصحاب هذا الرأي من عبارة " في نفسه " ، أي أن الحرف يدل على معناه منفردا ، أو ضمن جملة مفيدة ، كما تدل الأسماء ، والأفعال على معناها منفردة ، أو ضمن جملة ، ومثال ذلك إذا قلنا " تحت " فإنها تدل على معنى في حالة انفرادها ، كما تدل على نفس المعنى في حالة تركيبها في جملة ، كقولنا " جلست تحت الشجرة " فدلالة " تحت " وهي اسم منفرد على معنى التحتية كدلالتها على نفس المعنى وهي في بناء لغوي مفيد ، وكذلك إذا قلنا " على " وهو حرف جر يدل على معنى العلو منفردا ، كما يدل على نفس المعنى عندما يكون في جملة مفيدة ، كأن نقول : " الكتاب على المكتب " ، أو " العصفور على الغصن "
وخلاصة القول أن المقصود من دلالة العبارة التي قال بها أصحاب الرأي الثاني " في نفسه " هو أن الحرف يدل على معنى سواء أكان منفردا ، أم في تركيب من تراكيب الكلام المكون لجملة مفيدة .
وفي رأيي المتواضع أن الحرف وإن لم يدل دلالة واضحة على معناه في حالة انفراده ، كما هو الحال في قسيميه من تقسيم الكلمة " الاسم ، والفعل " إلا أنه يحمل في نفسه دلالة ولو خفية يلمحها من تفهم موضوعه لغة ، وأعني بذلك من كان ذا نظر ثاقب ، وفاحص في دراسة النحو ، ولديه إدراك واع لسبر أغوار الحرف ، والوقوف على معناه الخفي ، ولم يكن هذا الأمر مقصورا على الحرف وحده من تقسيم الكلمة ، بل هو أيضا في الاسم والفعل ، وإن كان الأخيران أوضح معنى في حال انفرادهما .
والحرف من وجهة نظري كحجر غير مستو موضوع مع حجارة أخري مستوية ، فهو لا يظهر نفعه في نظر الإنسان العادي ، أما في نظر صاحب الصناعة ، وأعني " البناء " الذي يبني الجدار ، فهو ذو نفع منفردا ، وغير منفرد كغيره من بقية الحجارة المستوية ، وإن كان نفعها يظهر واضحا في نظر الجميع ، فنفعه يكون أكثر وضوحا عندما يشيد به بناء متكامل مع بقية الحجارة المستوية الأخرى . فإذا عوضنا في تمثيلنا السابق عن الحجر غير المستوي بالحرف ، وعن الحجارة المستوية بالاسم ، أو الفعل ، أو بهما معا فإننا نلحظ المعنى المراد من ذلك التمثيل . فالحرف يصدق عليه ما يصدق على ذلك الحجر غير المستوي ، فهو قليل النفع ، أو لا قيمة لغوية له منفردا ، أو لا يكون واضح الدلالة إذا لم يكن في بناء لغوي مفيد ، وهو مع ذلك يحتفظ في نفسه بمعنى يلمحه المشتغل بصناعة اللغة ، والأمر نفسه يكون في الاسم والفعل ، وإن كانت دلالة كل منهما الإفرادية ، والقيمة اللغوية لهما أكثر وضوحا ، وأجلى رؤية من الحرف ، ولكن إذا ما وضع كل منهما في بنية الجملة كان المعنى أظهر ، وأبين ، والقيمة اللغوية حاصلة .
ويمكننا أن نوضح ما ذهبنا إليه آنفا بالتمثيل العملي على النحو التالي :
فإذا قلت " في " ، أو " إلى " ، أو " من " فهي أحرف جر قد لا يظهر معنى كل منها منفردا لغير المتخصص في دراسة النحو ، أو لمن لا يستوعب موضوعها في اللغة ، بينما يظهر معناها منفردة ولو بصورة ضئيلة يلمحها من هو على فهم بموضوعها لغة ، فحرف الجر " في " لا بد وأن يوحي إلى المخاطب به ، أو الدارس بصفة عامة معنى معين يستوحى منه أن هذا الحرف هو أحد أحرف الجر ، وقد تكون الرؤية في ذهنه أوضح عندما يعرف أنه أيضا يدل على الظرفية ، ولكن متى وضع هذا الحرف " في " ، أو غيره من الحروف الأخرى في جمل مفيدة يبرز معناه الذي كان يلمح لمحا ، ويكون واضحا جليا للمتخصص ، بل وربما لغير الدارس المتخصص ، ويدرك أن معنى " في " يفيد الظرفية المكانية إلى جانب الربط بين جزئي الكلام الذي يشكل معه الجملة المفيدة ، كأن نقول مثلا " الكتاب في الحقيبة " ، فلو نزعنا حرف الجر من بين جزئي الجملة ، وهو الكتاب من جانب ، والحقيبة من جانب آخر لصبح معنى كل من الاسمين لا يفيد معنى يحسن السكوت عليه ، وإن كان لكل منهما معناه الانفرادي في نفسه ، وهو معنى أوضح من ذلك المعنى الذي يحمله حرف الجر " في " ، ولكن متى وضعت الألفاظ الثلاث في تركيب واحد وثق الحرف عرى المعاني الظاهرة والخفية في كل من الاسمين من ناحية ، وفي نفسه من ناحية أخرى ، ولو كان الأمر غير ذلك لكان بإمكان الاستغناء عن الحرف كلية وهذا لا يصح . وما قلته في الحرف أقوله أيضا في الاسم والفعل ، وإن كان المعنى الانفرادي لكل منهما أكثر وضوحا من معنى الحرف ، وإذا ما وضع كل منهما في جملة مفيدة كانا أكثر وضوحا ، وأشد التصاقا لإظهار المعنى العام الذي يراد منهما.
ولا يخفى علينا أن هناك بعض التراكيب اللغوية التي تدل دلالة أكيدة على أن الحرف قد يفيد دلالة انفرادية أي : " في نفسه " ، وإن كانت هذه الدلالة غي جلية كما هو الحال في الاسم ، والفعل ، ولكنها مع ذلك دلالة توحي ولو من بعيد بأن الحرف لا يخلو من معنى في نفسه ، ومن هذه التراكيب قولهم : " رغبت في " فحرف الجر " في " في التركيب السابق هو الذي حدد المعنى المطلوب ، وهو الرغبة في الشيء ، وكذلك الحال إذا قلنا : " رغبت عن " فالحرف " عن " هو الذي حدد معنى عدم الرغبة ، والله أعلم .
وهناك نقطة أخيرة سنعرج عليها بالحديث عن الحرف ، وهي تسمية الحرف حرفا ، وما حول هذه التسمية من خلاف أيضا .
ذكر بعض النحويين إنما سمي الحرف كذلك لأنه طرف في الكلام ، وفضلة ، وهو يعني في اللغة طرف كل شيء وشفيره وحدُّه (1) . فقالوا حرف الجبل أي حدّه وهو أعلاه المحدد . وقال البعض : سمي كذلك لنه يأتي على وجه واحد . والحرف لغة هو الوجه الواحد ، ومنه قوله تعالى : { ومن الناس من يعبد الله على حرف }2 .
أي : يعبده على السراء ، فإذا نزلت به الضراء انقلب ، وانقطع عن العبادة ، فكانت عبادته لله على غير تمكن ، وطمأنينة ، ويبدو أن الحرف سمي حرفا لأنه طرف في الكلام ، كما أوضحنا ، وأما قوله تعالى : { ومن الناس من يعبد الله على حرف } ، فهو راجع إلى هذا المعنى ، لأن الشاك كأنه على طرف من الاعتقاد وناحية منه (3) .
ثانيا ـ تقسيم الأحرف من حيث عملها :
تنقسم الحروف من حيث الإعمال ، والإهمال إلى قسمين : ـ
1 ـ أحرف عاملة : وهي الحروف التي إذا دخلت على الاسم ، أو الفعل أثرت في إعرابه ، وغيرته من حالة إعرابية إلى حالة أخرى مغايرة لما كان عليه الاسم ، أو الفعل قبل دخول الحرف عليه ، فإذا دخل حرف الجر على الاسم عمل فيه الجر ، كأن نقول : الطلاب في الفصول ، فكلمة الفصول أصبحت مجرورة بفعل حرف الجر " في " وعمله ، وكذلك إذا دخل حرف النصب " لن " على الفعل ، كأن نقول : لن أقول غير الحقيقة . نجد أن الفعل " أقول " قد تغير شكل أخره بفعل حرف النصب فيه ، فقد عمل فيه النصب ، وهكذا بقية الحروف العاملة ، فهي تنزل بما بعدها من الأسماء ، والأفعال الرفع ، أو النصب ، أو الجزم ، أو الجر ، وسنبين ذلك مفصلا في موضعه إن شاء الله .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ القاموس المحيط ج3 ، ص 126 .
2 ـ 11 الحج .
3 ـ الجنى الداني للمرادي ص 24 ، 25 .
2 ـ حروف غير عامله : وهي الأحرف التي إذا سبقت الاسم ، أو الفعل لا تعمل فيه ، ولا تؤثر عليه إعرابيا ، كحروف النداء قبل الاسم ، وحروف الاستفتاح ، والسين ، وسوف ، وقد قبل الفعل ، وغيرها من بقية الحروف غير العاملة ، والتي سنذكرها مفصلة في موضعها . وقد حصر النحاة الحروف العاملة ، وغير العاملة في عدد معين ، وإن كان هذا العدد قل عند البعض ، وزاد عند البعض الآخر بسبب إدخال بعض الحروف في مواضع مختلفة عند بعض النحاة ، وحذفها ، أو عدم العمل بها عند آخرين ، وقد تتبعت هذه الحروف في جل كتب النحو ، واستطعت الوقوف على ستة وتسعين حرفا عاملة ، وغير عاملة .
أقسام الحروف العاملة : ـ
تنقسم الحروف العاملة إلى أربعة أقسام :
أولا ـ حروف تعمل الجر ، ويتراوح عددها ما بين سبعة عشر حرفا في المفصل للزمخشري ، وبين العشرين في الأشموني ، وشرح ابن عقيل ، والثلاثة وعشرين حرفا في رصف المباني ، وإليكها كما ذكرها الزمخشري :
الباء ، التاء ، اللام ، الكاف ، الواو ، من ، عن ، في ، مذ ، إلى ، على ، حتى ، منذ ، حاشا ، خلا ، عدا . وقد أضاف عليها الأشموني ، وابن مالك : كي ، لعل ، متى .
وأضاف عليها المالقي : مُن بضم الميم ، ومعْ الساكنة العين ، ولولا .
فالحروف التي ذكرها الزمخشري لا حاجة لنا في الحديث عنها لأنها مفصلة في باب المجرورات ، أما زيادة " كي ، لعل ، متى " عند ابن عقيل والأشموني فسنفصل الحديث فيها الآن .
1 ـ كي :
إن منشأ الخلاف حول اعتبار " كي " حرفا من حروف الجر أو عدمه يرجع إلى أن " كي " لها استعمالات أخرى غير الجر وهي :
أ ـ تأني حرفا مصدريا ونصب بمعنى " أن " ، وغلب ورودها مع اللام لفظا نحو : نحو : ادرس لكي تنجح . أو تقديرا ، نحو : ادرس كي تنجح .
124 ـ ومنه قوله تعالى : { لكي لا يكون على المؤمنين حرج }1 .
فهي ناصبة للفعل بنفسها لاقترانها بلام التعليل ، وإذا لم تتصل باللام يجوز فيها أن تنصب بنفسها ، أو بأن المصدرية المقدرة .
125 ـ كقوله تعالى : { فرددناه إلى أمه كي تقر عينها }2 .
ومتى سبقت " كي " بلام التعليل الجارة كانت حرفا ناصبا ليس غير ، والمصدر المؤول منها ومن الفعل يعرب في محل جر بلام التعليل .
كقوله تعالى : { لكي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم }3 .
وإذا لم تتصل باللام فيجوز فيها أن تكون تعليلية جارة للمصدر المؤول من " أن " المضمرة وجوبا ، والفعل المضارع بعدها (4) .
نحو : عاقبت المهمل كي يعمل الواجب .
ب ـ تأتي حرفا للتعليل ، ولا تجر إلا " ما " المصدرية والفعل بعدها مرفوع .
38 ـ كقول عبد الأعلى بن عبد الله :
إذا أنت لم تنفع فضر فإنما يرجى الفتى كيما يضر وينفع
وكذلك إذا جاء بعدها " ما " الاستفهامية .
نحو : كيم فعلت ذلك ؟ أي : لم فعلت ذلك ؟
وفي رأيي من هذا التصور لمفهوم " كي " اختلف النحاة في اعتبارها حرفا للجر ، أو عدم اعتبارها ، لأنها لم تتخصص للجر كغيرها من حروف الجر ، أو لغرابة الجر بها ، فهي لا تجر كما ذكرنا إلا " ما " المصدرية ، أو " ما " الاستفهامية ، أو المصدر المؤول من " أن " والفعل المضارع .
ـــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 37 الأحزاب . 2 ـ 13 القصص .
3 ـ 17 الحشر .
4 ـ انظر كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج1 ، ص 255 .
2 ـ لعل :
إن المتداول في الاستعمال بين النحاة ، أن تكون لعل حرفا مشبها بالفعل من أخوات إن ، يفيد الترجي ، وهو الأمر المحبوب . نحو : لعل الله يرحمنا .
كما تفيد الإشفاق ، والتعليل .
126 ـ نحو قوله تعالى : { فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى }1 .
أو الاستفهام . نحو قوله تعالى : { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا }2 .
أما استعمالها كحرف من حروف الجر فهذا هو المستهجن لأنها لا تكون كذلك إلا في لغة عقيل ، وما استخدم في لغات بعض القبائل لا يطبق كقاعدة عامة .
ومن أمثلة استعمالها حرف جر في لغة عقيل قول الشاعر * :
لعل الله فضلكم علينا بشيء أن أمّكم شرِيم
ومنه قول كعب بن سعد الغنوي :
" لعل أبي المغوار منك قريب "
والشاهد في البيتين السابقين قوله : لعل الله ، ولعل أبي ، فلعل حرف ترج وجر شبيه بالزائد ، وجر بها لفظ الجلالة ، ولفظ أبي على لغة عقيل .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل كون " لعل " وردت في البيتين السابقين ، أو في غيرهما على قلة ، وفي لغة بعض القبائل ، وربما ورد ذلك خطا من القائلين ، أو ممن نقل عنهما ، هل تعتبر لعل حرفا من حروف الجر ؟ سأترك الأجابة للدارس يحكم العقل ، والمنطق ، ويقرر .
3 ـ متى :
الجر بها لغة هذيل ، وقد عدها النحاة بمعنى " من " ، أو " في " .
يقولون : أخرجها متى كمه ، والمعنى : من كمه .
ومنه قول عمرو بن كلثوم :
أخيل برقا متى حاب له زجل إذا يفتر من توماضه حلجا
ــــــــــــــــ
1 ـ 44 طه . 2 ـ 1 الطلاق .
39 ـ ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي :
شربن بماء البحر ثم ترفعت متى لجج خضر لهن نئيج
الشاهد في البيتين قولهما : متى حاب ، ومتى لجج . حيث جُرت حاب ، ولجج بـ " متى " في لغة هذيل . وفي رأيي أن هذه لهجات لا يعتد بها .
أما ما زاده المالقي من حروف جارة فهو : مُن ، ومعْ ، ولولا .
1 ـ مُن :
حرف جر للقسم ، ولا تدخل إلا على كلمة " الرَّب " ، ويجوز في نونها الإظهار ، والإدغام مع راء " رب " ، ويعلق صاحب رصف المباني عليها بقوله : " والأظهر عندي أن تكون اسما مقتطعا من " ايمُن " التي هي اليمن عند سيبويه رحمه الله ، وجمع " يمين " عند الفراء ، إذ قالوا : ايمن الله لأفعلن ، وقد استدل المالقي على ما ذكر بوجهين :
أحدهما : أن معنى " من ربي " ، و " ايمن الله " واحد ، وليست حرف جر لأنها لو كانت حرف جر لأوصلت ما بعدها إلى ما قبلها ، ولا يستقيم هنا أيضا لها لفساد المعنى .
والثاني : أنّا وجدنا " ايمن " يحذف منها النون فيقال " ايم الله " والألف والياء والنون فيقال : " مَ الله " بالفتح والضم والكسر ، ولا يبعد أن تحذف ألفها وباؤها فتبقى
" مُن " فيكون هذا الحذف من التصرف فيها به ، كما تصرِّف فيها بغيره من الحذف ، إلا أنها لما لزمت الرفع بالابتداء في القسم لا غير ، واتصلت بالمقسم به اجتمعت ضمة ميمها مع ضمة نونها ، مع حركة ما بعدها فجرت مجرى " طُنُب " ، و " عُنُق " فخففت بالسكون فقيل " طُنْب " ، و " عُنْق " ، ولذلك جاز إظهار نونها مع الراء دلالة على أصل التحريك (1) .
ونخلص من كلام المالقي أن " مُن " تكون اسما ، ولا تكون حرفا استنادا لما دلل به ،
ــــــــــــــــ
1 ـ رصف المباني ص 391 ، 392 .
ناهيك ‘ن إهمال النحاة لها كحرف من حروف الجر ، وعدم ذكرها البتة .
2 ـ معْ :
ومن الحروف التي ذكرها المالقي ضمن حروف الجر " معْ " بتسكين العين ، فقال : " أعلم أن " مع " تكون ساكنة العين ، وتكون متحركتها ، فإذا كانت متحركتها فهي اسم مضاف إلى ما بعدها منصوب على الظرفية ، وتنون فيقال : معا .
فمثال مجيئها اسما 127 ـ قوله تعالى : { إن مع العسر يسرا }1 .
ومنه قوله تعالى : { قال كلا إن معي ربي سيهدين }2 .
ومثال مجيئها منونة غير مضافة قولنا : جاء الرجلان معا ، وهي حينئذ حال منصوبة .
ومنه قول امرئ القيس :
مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل
40 ـ ومنه قول الصمة القشيري :
حننت إلى ريا ونفسك باعدت مزارك من ريا وشعباكما معا
وإذا سكنت عينها فهي غذ ذاك حرف جر معناه المصاحبة ، والعامل فيها فعل وما جرى مجراه كسائر حروف الجر ، ولا يحكم فيها بحذف ، ولا وزن ، ولا يسأل عن بنائها لثبوت الحرفية فيها " (3) .
ومن الأمثلة على حرفيتها قول الراعي النميري كما ورد في كتاب سيبويه ، وهو 41 ـ لجرير في ديوانه :
فريشي منكم وهواي معْكم وإن كانت زيارتكم لماما
الشاهد في البيت قوله : معْكم ، فهي جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر لـ " هواي " ، والتقدير : هواي كائن معكم .
ــــــــــــــــ
1 ـ 6 الشرح . 2 ـ 62 الشعراء .
3 ـ رصف المباني ص 394 .
ولا يخفى ما في ذلك من توهم لأن " مع " ظرف يفيد المصاحبة ، وقبل بدخول حرف الجر عليه ، وينون ، ولكن ربما يكون لمن قال بحرفيته العذر على اعتبار تسكين حرف العين ، فيكون التسكين قد أخرج الكلمة من الظرفية إلى الحرفية .
3 ـ لولا :
عد كثير من النحويين " لولا " ضمن حروف الجر ، إذا اتصل بها الضمير ، سواء أكان مخاطبا ، نحو : لولاك ، أم غائبا ، نحو : لولاه ، أم متكلما ، نحو : لولاي ، ومن ذهب من النحاة هذا المذهب : سيبويه ، وأصحابه ، فقال : " لولاك ، ولولاي ، إذا أضمرت الاسم فيه جُرَّ " (1) .
ويعني بقوله هذا : أن لولا إذا اتصل بها الضمير تكون حرف جر ، والضمير في محل جر بها ،
42 ـ كقول رؤبة :
وكم موطن لولاي طحت كما هوى بأجرامه من قلة النبق منهوي
الشاهد : لولاي ، حيث جر الضمير بـ " لولا " ، وهي من حروف الابتداء بدليل أن تلاها ضمير ظاهر منفصل ، وما بعدها يكون مرفوعا على الابتداء ، وخبره واجب الحذف ، نحو : لولا أنت لفعلت كذا .
فلولا : حرف امتناع لوجود " امتناع الجواب لوجود الشرط ، والضمير الظاهر المنفصل في محل رفع مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : موجود .
ومن النحاة من يميل إلى ما قاله الأخفش ، وبعض الكوفيين : بأن " لولا " تيقى على عملها وهو : الرفع إذا تلاها ضمير مظهر ، نحو لولاك ، ولولاي ، ولولاه .
واستدل على صحة رأيه من وجهين :
1 ـ أن مجيء لولا حرف جر يعني ذلك دخول حرفين على معمول واحد ، ويقصد بالحرفين " لو " ، و " لا " لأن لولا مركبة منهما ، وهذا غير موجود في كلام العرب .
2 ـ إذا جعلنا " لولا " حرف جر فإنها تحتاج إلى ما تتعلق به ، لأنها ليست زائدة ،
ــــــــــــــ
1 ـ كتاب سيبوبه ج2 ، ص 373 .
كالباء في بحسبك ، وليس في الكلام ما تتعلق به ، ولا تُقَدر متعلقة به ، ناهيك عن كونها تأتي في أول الكلام ، ولا تحتاج إلى كلام قبلها ، وتكون جوابا له ، وهذا كله معدوم في حرف الجر ، والحكم عليها بأنها حرف خفض ضعيف ، والأولى أن يحكم عليها بالبقاء على كونها حرف ابتداء عند من يرى ذلك (1) .
ثانيا ـ حروف تعمل النصب في الأسماء ، وحروف تعمل النصب في الأفعال :
النوع الأول ويشمل : إنَّ ، أنَّ ، إنْ ، أنْ ، كأنَّ ، لكنَّ ، ليت ، لعل ، ولا النافية للجنس ، " وغنَّ " عند بعض النحاة وسنفصل القول عنها في موضعه .
النوع الثاني ويشمل : أنْ المصدرية ، لن ، إذن ، كيما ، كي ، فاء السببية ، واو المعية ، لام الجحود ، لام التعليل ، حتى ، وحتى ، وذلك عند من عمل بالحروف السابقة دون إضمار " أن " المصدرية .
لقد تعرضنا لنواصب الأسماء مفصلا في بابها ، إلا " غَنَّ " ، وقد جعلها صاحب رصف المباني نظير " لعل " ، و " أنَّ " حيث نصب بها الاسم ، ورفع بها الخبر ، واستشهد على قوله هذا بقول : أبي النجم العجلي نقلا عن أبي القالي في أماليه
" وأغدُ لغَنَّا في الرهان نرسله " (2) .
غير أن الرواية التي أوردها المالقي غير صحيحة فقد وردت في العقد الفريد " لعَنَّا " بالعين ، وليس بالغين من قصيدة :
لأبي النجم العجلي طويلة ، ومطلعها (3) :
ثم سمعنا برهان نأمله قِيد له من كل أفق نرسله
فقلت للسائس قدْه اعجله واغدُ لعَنَّا في الرهان نرسله
ـــــــــــــــــــ
1 ـ كتاب سيبوبه ج2 ، ص 373 .
2 ـ رصف المباني ص 438 .
3 ـ العقد الفريد لبن عبد ربه ج1 ، ص 172 .
أما الحروف التي تعمل النصب في الأفعال فقد ذكرنا أيضا مفصلة في بابها ولا حاجة لإعادتها .
ثالثا ـ حروف تعمل الرفع في الأسماء ، وهي : ما ، ولا ، ولات ، وإن المشبهات بليس ، وقد وردت تلك الحروف في بابها .
رابعا ـ حروف تعمل الجزم في الأفعال وهي : لم ، لمّا ، إنْ ، إذما ، لا الناهية ، وقد ذكرنا : لم ، ولما ، ولا الناهية في باب الحروف الجازمة للفعل المضارع .
وإن ، وإذما في باب أدوات الشرط الجازمة لفعلين فتبين ذلك رعاك الله .
2 ـ الحروف غير العاملة :
هي الحروف التي إذا سبقت الاسم ، أو الفعل لا تعمل فيه كما ذكرنا ذلك في موضعه ، ومنها ما لا يسبق الاسم ، ولا الفعل ، وتسمى الحروف الجوابية ، وإليك الحروف غير العاملة برمتها :
الألف ، الهمزة ، الميم ، النون ، الفاء ، السين ، الهاء ، الياء ، أجل ، إذا الفجائية ، أل ، ألا ، ألاّ ، إلاّ ، أم ، أما ، أمّا ، إمّا ، أو ، أيّ ، إي ، أيا ، إيّا ، بجل ، بل ، بلى ، ثم ، جلل، جير ، إذ ، كلاّ ، لكنْ ، لو ، لوما ، نعم ، قد ، سوف ، ها ، هيا ، هل ، هلاّ ، وا ، وي ، يا .
تقسيم الأحرف من حيث مكانها في الكلام :
تنقسم جميع الحروف عاملة ، وغير عاملة من حيث مكانها في الكلام إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ حروف تأتي قبل الاسم .
2 ـ حروف تأتي قبل الفعل .
3 ـ حروف تأتي قبل الاسم ، والفعل .
أولا ـ الحروف التي تأتي قبل الاسم :
1 ـ حروف الجر : وهي حروف عاملة الجر في الاسم .
2 ـ حرف الاستثناء : إلا ، وهو حرف عامل النصب في الاسم ، وذكر في بابه .
3 ـ حروف النفي : وهي تعمل النفي في الاسم ، ويكون بعدها مرفوعا ، وذكرت في بابها .
4 ـ الحروف المشبهة بالفعل " إن وأخواتها " ، ولا النافية للجنس ، وكلها تعمل النصب في الاسم ، وقد ذكر كل منهما في بابه .
5 ـ حروف النداء ، وهي حروف غير عاملة ، وذكرت في باب النداء .
6 ـ واو المعية ، وفي عملها خلاف بين النحاة ، راجع ذلك في باب المفعول معه .
7 ـ حرفا المفاجأة : إذا ، وإذ ، وهما غير عاملين .
نحو : خرجت فإذا رجل بالباب . الاسم بعدها مبتدأ ، وخبره واجب الحذف .
ونحو : علمت أن صديقي قد شفي إذ هو مريض . ما بعدها مبتدأ وخبر .
8 ـ حرفا التفصيل : أمّا ، وإمّا ، وهما غير عاملين .
أ ـ أمّا : وتأتي :
1 ـ حرف شرط غير جازم تلازم الفاء جوابها كثيرا .
128 ـ نحو قوله تعالى : { فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم }1 .
2 ـ حرف تفصيل وجوابه مقترن بالفاء وجوبا .
129 ـ نحو قوله تعالى : { فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر }2 .
3 ـ وتأتي حرف توكيد ، 43 ـ كقول الشاعر :
أما أنا فكما علمت فهل لوصلك من مقام
تنبيه : يلاحظ أن " أمّا " التفصيلية يشتبه بها لفظان آخران هما :
ــــــــــــــــ
1 ـ 36 البقرة . 2 ـ 9 ، 10 الضحى .
أ ـ أحدهما مركب من " أم " المنقطعة ، و " ما " الاستفهامية .
130 ـ نحو قوله تعالى : { أمّا ذا كنتم تعلمون }1 .
ب ـ والثاني مركب من " أن " المصدرية ، و " ما " التي هي عوض من " كان " (2) .
44 ـ كقول العباس بن مرداس :
أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضبع
2 ـ إمّا : وتأتي :
أ ـ حرف تفصيل .
131 ـ كقوله تعالى : { إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا }3 .
ومنه قول الشاعر :
سأحمل نفسي على آلة فإما عليها وإما لها
ب ـ حرفا للإباحة ، نحو : زرنا إما اليوم وإما غدا .
ج ـ حرفا للشك ، نحو : خرج من المسجد إما محمد وإما محمود .
د ـ حرفا للإبهام .
132 ـ كقوله تعالى : { وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم }4
هـ ـ حرفا للتخيير .
133 ـ كقوله تعالى : { إما أن تلقي وإما أن نكون أول الملقين }5 .
ح ـ وتأتي مركبة من " إن " الشرطية ، و " ما " الزائدة .
134 ـ نحو قوله تعالى : { إما تخافن من قوم خيانة فانبِذ إليهم }6 .
ــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 84 النمل .
2 ـ راجع كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج ، ص
3 ـ 3 الإنسان . 4 ـ 106 التوبة .
5 ـ 65 طه . 6 ـ 58 الأنفال .
45 ـ ومنه قول الشاعر :
أيا راكبا إما عرضت فبلغن نداماي من نجران أن لا تلاقيا
9 ـ حروف التنبيه ، وهي : ها ، يا ، أما ، ألا ، وكلها غير عاملة .
أ ـ ها : حرف تنبيه يدخل على الآتي :
1 ـ أسماء الإشارة ، نحو : هذا ، هذه ، هذان ، هاتان ، هؤلاء .
135 ـ ومنه قوله تعالى : { هذا سراط مستقيم }1 .
2 ـ على ضمير الرفع . نحو : ها أنا ذا . وتكتب أيضا " هأنذا " .
136 ـ ومنه قوله تعالى : { ها أنتم أولاء تحبونهم }2 .
3 ـ وتدخل على " أي " ، و " أية " وصلتي النداء للمنادى المعرف بأل .
نحو قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله }3 .
137 ـ وقوله تعالى : { يا أيتها النفس المطمئنة }4 .
4 ـ وتدخل على إنَّ المشبهة بالفعل . نحو : ها إن محمدا قادم .
ومنه قول النابغة :
ها إنَّ تا عذرة إنْ لم تكن نفعت فإن صاحبها قد تاه في البلد
ب ـ يا : حرف تنبيه إذا لم يليها منادى ظاهر .
138 ـ نحو قوله تعالى : { يا ليتني مت قبل هذا }5 .
ومنه قوله تعالى : { ألا يا اسجدوا لله الذي يخرج الخبء }6 .
على قراءة من أفرد " يا " وجعل اسجدوا فعل أمر ، وهي قراءة الزهري والكسائي (7) .
ــــــــــــــــــ
1 ـ 36 مريم . 2 ـ 119 آل عمران .
3 ـ 20 الأنفال . 4 ـ 27 الفجر .
5 ـ 23 مريم . 6 ـ 25 النمل .
73 ـ رصف المباني ص 514 .
47 ـ ومنه قول الشاعر :
ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثم اسلمي ثلاث تحيات وإن لم تكلمي
ومنه قول الآخر :
يا هل تعود سوالف الأزمان أو لا فمتصرف إلى الحدثان
وقال بعض النحاة : إن " يا " فيما سبق حرف نداء ، والمنادى محذوف للعلم به ، والتقدير : يا قوم في الآيتين ، وفي الشاهد الأخير ، ويا فلانة في الشاهد الأول .
أما إذا تلا " يا " المنادى كانت حرف نداء للقريب ، والوسط والبعيد ، ومن في حكم المنادى كالنائم ، والساهي .
نحو : يا معلم ارع تلاميذك ، ويا محمد لا تهمل الواجب .
ونحو : يا طالعا جبلا . ويا نائم استيقظ . وللمزيد راجع باب النداء .
ج ـ أما : حرف تنبيه ، واستفتاح للحال ، وكثيرا ما يليها القسم .
نحو : أما والله لأعاقبن المسيء .
وتستفتح بها الجمل الاسمية ، والفعلية على حد سواء .
مثال الاسمية : أما محمد قائم .
ونحو : أما إن المعلم المعلم بعلمه يخدم المجتمع بعلم فذلك أمر لا ريب فيه .
ومثال الفعلية : أما قام أخوك . وأما استيقظ محمد .
48 ـ ومنه قول أبي صخر الهذلي :
أما والذي أبكى وأضحك والذي أمات وأحيا والذي أمره الأمر
د ـ ألا : حرف استفتاح للتنبيه ، والدلالة على تحقيق ما بعدها ، وتدخل على الجمل الفعلية، والاسمية ، كما هو الحال في " أما " .
139 ـ نحو قوله تعالى : { ألا يوم يأتيه ليس مصروفا عليهم }1 .
ومثال دخولها على الأسماء .
ـــــــــــــــ
1 ـ 8 هود .
140 ـ قوله تعالى : { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم }1 .
ومنه قوله تعالى : { ألا لعنة الله على الظالمين }2 .
ومنه قول لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطلا وكل نعيم لا محالة زائل
49 ـ ويكثر مجيء النداء بعدها كقول امرئ :
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثل
وتأتي " ألا " لمعان أخرى لا يتسع لها المجال لذكرها (3) .
ــــــــــــــــــ
1 ـ 62 يونس . 2 ـ 18 هود .
3 ـ راجع للاستزادة كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج1
Admin المدير العام
عدد المساهمات : 116 شكروتقدير : 0 تاريخ التسجيل : 08/12/2009
موضوع: تكمله الجمعة ديسمبر 11, 2009 5:47 am
الفصل الخامس
ثانيا ـ الحروف التي تأتي قبل الاسم
1 ـ حروف النصب وهي : " أن " المصدرية ، لن ، إذن ، وهذه تعمل في الفعل بنفسها . ولام الجحود ، ولام التعليل ، وكي ، وفاء السببية ، وحتى ، وواو المعية ، وهذه مختلف في عملها ، فبعض النحويين يقول : إنها عاملة في الفعل بنفسها ، وفي رأيي المتواضع أنه قول ضعيف ، لأن أغلب هذه الحروف تعمل الجر في المصدر الذي تدخل عليه : كاللام ، وكي ، وحتى ، وما دام أن هناك مصدرا مؤولا عملت فيه تلك الحروف ، فهذا يعني أنها كانت موطئة للعمل فيما بعدها ، وليست هي العاملة ، وإنما العامل " أن " المصدرية المضمرة التي انسبكت مع الفعل لتكون مصدرا مؤولا يكون في محل جر بواحد من الحروف التي ذكرنا .
وقال بعضهم : أن تلك الحروف وهي : اللام ، وكي ، وحتى ، لا تعمل في الفعل بنفسها ، وإنما قدروا بعدها " أن " المصدرية المحذوفة ، وهذا هو الرأي الأصوب عندي ، وللمزيد راجع باب نواصب الفعل .
2 ـ حروف الجزم وهي : لم ، لمّا ، لام الأمر ، لا الناهية . راجعها في بابها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 62 يونس . 2 ـ 18 هود .
3 ـ راجع للاستزادة كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج1 .
3 ـ حروف الشرط وهي : إنْ ، إذما ، ولو . (1) .
نحو قوله تعالى : { إنْ تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم }2
وقوله تعالى : { إن تمسسكم حسنة تسؤهم }3 .
وقوله تعالى : { إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف }4 .
ونحو : إذما تجتهد تنل جائزة .
إذما : حرف شرط مبني على السكون ، لا محل له من الإعراب .
هذه الحروف تنسبك مع ما بعدها من أفعال ، ـ ما عدا " أنَّ " لأنها تختص بالدخول على الأسماء ـ وتكون مصدرا مؤولا . وقد مر ذكر كل منها في موضعه .
7 ـ حرفا الاستقبال : السين ، وسوف ، وهما من الحروف التي تلتحم بالفعل ، وتصبح كالجزء منه ، فلا يجوز الفصل بينها وبين الفعل .
نحو : سيأتي الله بالفرج القريب .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 22 النور .
2 ـ 22 التوبة . 3 ـ 155 الأعراف .
ومنه قوله تعالى : { سيذكر من يخشى }1 .
142 ـ ونحو قوله تعالى : { ولسوف يعطيك ربك فترضى }2 .
وسوف في الآية السابقة للوعد ، وتأتي أيضا للوعيد .
نحو قوله تعالى : { إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا }3 .
ويدخل في عداد حروف الاستقبال كل من أحرف النصب ، ولام الأمر ، ولا الناهية ، وإن ، وإذما الشرطيتين الجازمتين لفعلين مضارعين ، لذلك لا يجوز أن نجمع بين السين أو سوف ، وبين أحد الحروف السابقة .
فلا يجوز أن نقول : سوف لن أفعل كذا . بل نقول سوف لا أفعل كذا .
8 ـ حروف التحضيض وهي : لولا ، لوما ، هلاّ ، ألا ، إلا .
وقد مر معنا بعض تلك الحروف في باب التنبيه ، وبعضها في باب العرض ، وها هي تمر في باب التحضيض ، أو الحض وهو الطلب بإلحاح ، إذا تلاها فعل مضارع .
أ ـ لولا : حرف تحضيض ، نحو قوله تعالى : { لولا تستغفرون الله }4 .
143 ـ وقوله تعالى : { لولا أخرتني إلى أجل قريب }5 .
ب ـ لوما : حرف تحضيض بمعنى " هلاّ " ، ويختص بالدخول على الجمل الفعلية .
144 ـ نحو قوله تعالى : { لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين }6 .
ج ـ هلاّ : حرف تحضيض مركب من " هل " الاستفهامية ، و " لا " النافية التي لا عمل لها ، فإذا دخلت على المضارع أفادت الحث على العمل .
نحو : هلاّ تساعد الضعيف .
ـــــــــــــــــ
1 ـ 10 الأعلى . 2 ـ 5 الضحى .
3 ـ 30 النساء . 4 ـ 46 النمل .
5 ـ 10 المنافقون . 6 ـ 7 ، 8 الحجر .
وإذا دخلت على الماضي كانت للتوبيخ ، كقول المتنبي :
فهلاّ كان نقض الأهل فيها وكان لأهلها منها التمام
ولا يجوز في " هلاّ " الدخول على الأسماء ، فإذا وليها اسم كان على إضمار الفعل (1) .
52 ـ كقول الشاعر :
ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة إليّ فهلاّ نفس ليلى شفيعها
د ـ ألا : حرف تحضيض تختص بالدخول على الأفعال . نحو : ألا تؤمنون بالله .
هـ ـ ألاّ : حرف تحضيض يختص بالدخول على الجمل الفعلية الخبرية .
نحو : ألآّ تساعد الضعيف . والعل بعدها مرفوع .
9 ـ حرف الردع كلاّ : وهو حرف ردع ، وزجر ، وتنبيه على بطلان كلام المخاطب .
نحو قوله تعالى : { كلاّ إن معي ربي سيهدين } 2 .
ومنه قول جرير :
كلاّ ولكن ما أبديه من فرق فكي يغروا فيغريهم بي الطمع
10 ـ حروف النفي وهي : لن ، لم ، لمّا . مر كل منها في بابه .
11 ـ حرف التوقع " قد " : يأتي لعدد من المعاني تختلف باختلاف الفعل الذي يدخل عليه ، فإذا دخل على فعل ماض أفاد معنى التحقيق .
نحو قوله تعالى : { قد أفلح من زكاها}3 .
وقوله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة }4 .
ومنه قول ابن الدمينة :
وقد زعموا أن المحب إذا دنا يَمَلُّ وأن النأي يشفي من الوجد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها للمؤلف ج 2 .
2 ـ 62 الشعراء . 3 ـ 9 الشمس .
4 ـ 21 الأحزاب .
وإذا دخل على الفعل المضارع أفاد التقليل .
نخو : قد يحضر والدي غدا .
ومنه قول امرئ القيس :
قد أشهد الغارة الشعواء تحملني جرداء معروقة اللحيين سرحوب
وتفيد " قد " أحيانا التحقيق ، والتكثير إذا تلاها فعل مضارع ، ويلمح ذلك من سياق 145 ـ الكلام . كقوله تعالى : { قد نرى تقلب وجهك في السماء }1 .
ومنه قول القطامي :
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
و " قد " من الحروف التي تلتحم مع ما بعدها من الأفعال فتعد كالجزء من ، فلا تعمل فيه ، ولا يفصل بينهما فاصل إلا القسم إن وجد .
نحو : قد والله شغلتني عليك .
ومنه قول البحتري :
قد لعمري زرناه كهلا وشيخا وعرفناه ناشئا ووليدا
لذلك يخطئ كثير من الكتاب ، والشعراء ، والمتحدثين حينما يفصلون بين " قد " والفعل المضارع بلا النافية ، أو غيرها من حروف النفي الأخرى . كأن يقولون : قد لا أذهب اليوم إلى العمل ، وقد لا يكون ذلك في وسعي .
وقد لن يحضر والدي مجلس الآباء ... إلخ .
والصواب أن يقولوا : ربما لا ، وربما لن ، وهكذا .
ثالثا ـ الحروف المشتركة بين الاسم والفعل :
أ ـ حروف العطف وهي : الواو ، الفاء ، ثم ، حتى ، أو ، إما ، أم ، لا ، بل ، لكنْ ، وكلها غير عاملة ، وقد فصلنا فيها القول في باب العطف .
ــــــــــــ
1 ـ 144 البقرة .
ما عدا " إمّأ " فقد عدها كثير من النحويين حرفا عاطفا شبيه في معانيه بـ " أو " فقال الزمخشري : " إن " أو " ، و " إمّا " يقعان في الخبر ، والأمر ، والاستفهام .
نحو : جاءني زيد أو عمرو ، وجاءني إما زيد وإما عمرو " (1) .
وقال ابن جني في اللمع : " ومعنى " إمّا " كمعنى " أو " في الخبر ( أي الشك ) ، والإباحة ، والتخيير . نقول : قام إما زيد وغما عمرو ، وكل إما تمرا وإما سمكا ، إلا أنها أقعد في لفظ الشك من " أو " (2) .
ونستخلص من القولين السابقين أن " إمّا " حرف من حروف العطف الشبيه بـ " أو " ، ويأتي لعدد من المعاني :
1 ـ للإباحة ، نحو : تعلن إمّا الحساب وإمّا الجبر . واحضر إلينا إما اليوم وإما غدا .
2 ـ للشك ، نحو : وصل إما محمد وإما علي .
3 ـ للتخيير : كافئ إما عمرا وإما يوسف .
ومنه قوله تعالى : { إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى }3 .
ب ـ حروف الجواب : وهي حروف غير عاملة تأتي للتصديق والإيجاب ، وتشمل : نعم ، بلى ، إي ، أجل ، جير ، بجلل ، جلل ، إن ، إذن ، وللنفي : لا ، وكلاّ . وهاكها مفصلة ورأي النحاة فيها .
1 ـ نعم : حرف جواب للتصديق في الاستفهام المثبت ، لا محل له من الإعراب .
نحو : نعم ، جوابا لمن سأل : هل حضر أخوك ؟
ومنه قوله تعالى : { فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم }4 .
53 ـ ومنه قول عمر بن أبي ربيعة :
فقالت نعم لا شك غير لونه سُرى الليل يحيي نصفه والتهجرُ
ـــــــــــــــــــ
1 ـ المفصل ص 304 ، وشرح المفصل لابن يعش ج 8 ، ص 97 وما بعدها .
2 ـ اللمع لبن جني ص182 ، ورصف المباني للمالقي ص183 .
3 ـ 65 طه . 4 ـ 44 الأعراف .
وهي للوعد بعد الطلب أمرا ، أو نهيا ، أو استفهاما .
نحو : اضرب المسيء ، الجواب : نعم أعدك .
ونحو : لا تقصر في عملك ، الجواب : نعم أعدك .
ونحو : هل تضرب المسيء ؟ الجواب : نعم أعدك .
وقصد من الإجابة بـ " نعم " في الحالات السابقة الإخبار بالفعل الحاصل ، وهو الضرب ، أو الإشارة إليه ، ووعد السائل به .
وإذا وقعت " نعم " في أول الكلام كانت لإيجاب التوكيد . كقول جميل بن معمر :
نعم صدق الواشون أنت كريمة علىّ وإن لم تصف منك الخلائق
وقد أجمع النحوييون على أن " نعم " لا تأتي إلا جوابا للاستفهام الموجب ( المثبت ) كما بينا في الأمثلة السابقة ، غير أن هنال من علل مجيئها جوابا للاستفهام المنفي ، وأنها تقع موقع " بلى " ، كما تقع " بلى " موقعها ، واستدلوا على ذلك بقول جحدر :
أليس الليل يجمع أم عمرو وإيانا فذاك بنا تدانــى
نعم وترى الهلال كما أراه ويعلوها النهار كما علانا
ولكن ذلك مردود بقوله تعالى : { ألست بربكم قالوا بلى }1 .
ألا ترى أنهم لو قالوا نعم لكان كفرا ، لأنهم بذلك يصدقون النفي فيكفروا ، بينما الجواب بـ " بلى " تنفيه وتوجب الجواب ، فيكون الجواب على " نعم " لست ربنا ، وعلى " بلى " بل أنت ربنا .
ومما سبق نقول : إن " نعم " لا تقع في موقع " بلى " ، بينما العكس صحيح إذ إن " بلى " تقع في موقع " نعم " . و " نعم " في البيت السابق جواب لقول الشاعر : فذاك بنا تدانى ، وعلى ذلك لم تكن " نعم " شاهدا على جواب الاستفهام المنفي وهو أليس الليل يجمع أم عمرو ، لأن الجواب على ذلك " بلى " ولا خلاف في ذلك .
2 ـ بلى : حرف جواب للإيجاب يجاب به عن الاستفهام المنفي لفظا ، أو معنى
ـــــــــــــ
1 ـ 172 الأعراف .
سواء اقترنت به أداة الاستفهام أم لا ، ولا يستعمل غيرها .
146 ـ نحو قوله تعالى : { أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي }1 .
وقوله تعالى : { أيحسب الإنسان ألّن نجمع عظامه بلى قادرين }2 .
ومثال الجواب بها على النفي العاري من الاستفهام : ما قام أخوك ، الجواب : بلى .
ومعناه : قام أخي ، فحلت " بلى " محل الجملة الواجبة جوابا للنفي .
3 ـ أجل : وتستعمل استعمال " نعم " إلا أن استعمالها مع غير الاستفهام أفضل ، وغالبا ما تكون تصديقا للخبر ، وكذلك " جير " فهي بمعنى " أجل " ، و " ونعم " ، ولكن جير أكثر ما تستعمل مع القسم .
مثال الأول : قد نجح أخوك . الجواب : أجل هو كذلك .
ومثال الثاني : جير والله لأقولن الصدق . بمعنى : نعم والله لأقولن الصدق .
وإذا استعملت " أجل " بعد كلام منفي أفادت معنى النفي .
نحو : أما عملت الواجب ؟ الجواب : أجل ، وتعني : نعم ما عملت الواجب .
4 ـ بجل : حرف جواب بمعنى " نعم " ، وغالبا ما تكون اسما بمعنى " حسب " .
54 ـ كقول الشاعر : بلا نسبة .
عجل لنا هذا وألحقنا بذاك الشحم إنا قد مللناه بجل
ومنه قول لبيد :
ألا إنني أشربت أسود حالكا ألا بجلي من الشراب ألا بجل
5 ـ جلل : حرف جواب مبني على السكون بمعنى " نعم " ينوب مناب الجملة الواقعة جوابا . نحو : هل عملت الواجب ؟ الجواب : جلل ، أي : نعم .
ويأتي جلل اسما بمعنى عظيم ، وبمعنى يسير ، أو هين ، ولكن ذلك مختلف فيه . فقد ذكر المالقي " أنها لا تكون في كلام العرب إلا بمعنى الجواب خاصة " (3) .
ـــــــــــــ
2 ـ 260 البقرة . 3 ـ 3 القيامة .
1 ـ رصف المباني ص 252 ، والمغني ج1 ص 120 .
2 ـ 53 يونس .
ومما استشهد به على اسمية " جلل " قول الحارث بن وعلة :
فلئن عفوت لأعفون جللا ولئن سطوت لأوهنن عظمى
ومنه قول امرئ القيس ، وهي بمعنى يسير ، أو هين :
أتاني حديث فكذبته بأمر تزعزع منه القلل
بقتل بني أسد سيدهم ألا كل شيء سواه جلل .
6 ـ إيْ : حرف جواب مكسور الهمزة ساكن الياء غير مشددة بمعنى " نعم " ، ويغلب وقوعها أمام القسم ، وتفيد الإثبات والتوكيد .
نحو : هل حضرت بالأمس ؟ الجواب : إي والله . ويعني : نعم والله .
147 ـ ومنه قوله تعالى : { ويستنبئونك أحق هو قل إيْ وربي إنه الحق }2 .
7 ـ إنَّ : حرف جواب بمعنى " نعم " ، وتقع بعد الطلب ، والخبر .
مثال وقوعها بعد الطلب : كأن تقول : إنه . أي : نعم . جوابا لمن قال : اضرب
عليا . ومثال وقوعها بعد الخبر : كأن تقول : إنه . أي : نعم . جوابا لمن قال : قام محمد .
55 ـ ومنه قول الشاعر : بلا نسبة .
وقائلة أسيت فقلت جير أسيٌّ إنني من ذاك إنهْ
الشاهد في البيت قوله : " إنهْ " وهي جواب بمعنى نعم ، والهاء للسكت .
وقد اختلف في " إنَّ " في هذا أهي حرف توكيد ونصب ، والضمير اسمها ، وخبرها محذوف ، أم هي حرف جواب ، والهاء المتصل بها للسكت ، كما في البيت السابق .
56 ـ ومنه قول ابن قيس الرقيات :
ويقلن شيب قد علاك وقد كبرت فقلت إنَّهْ
أي : نعم .
وقد استدل الفريق القائل بأنها تأتي بمعنى " نعم " بقول عبد الله بن الزبير مجيبا لمن قال : " لعن الله ناقة حملتني إليك ، فقال : إن وراكبها " إي : نعم وراكبها (1) .
8 ـ إذن : حرف جواب ، وجزاء لشرط مقدر ، أو ظاهر ، كما تأتي جوابا لغير الجزاء .
مثال مجيئها حرف جواب لغير الجزاء قولك : إذن أظنك صادقا .
جوابا لمن قال لك : أحبك .
148 ـ ومنه قوله تعالى : { قال فعلتها إذن وأنا من الظالمين }2 .
ومثال مجيئها جوابا وجزاء ، وغالبا ما يكون لشرط ظاهر ، أو مقدر بعد إن ، أو لو .
57 ـ كقول كثير :
لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها وأمكنني منها إذن لا أقيلها
ومثال الثاني قول الحماسي :
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
إذاً لقام بنصري معشر خشن عند الحفيظة إنْ ذو لُوثة لانا
الشاهد في البيت قوله : إذاً لقام بنصري ، وهي بدل من قوله : لم تستبح إبلي ، وجملة : لم تستبح إبلي جواب لو ، وبدل الجواب جواب .
ومثال مجيئها جوابا وجزاء لشرط مقدر قولك : إذن أكرمك . جواب لمن قال لك : أنا آتيك ، والتقدير : إن أتيتني إذن أكرمك .
149 ـ ومنه قوله تعالى :
{ ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذن لذهب كل إله بما خلق }3 .
9 ـ لا : حرف جواب بالنفي ، كأن يسألك سائل : هل تأخرت عن العمل ؟ فتجيبه : لا ، أي : ما تأخرت . وقد تحذف الجملة الفعلية بعدها في الجواب لدلالة السؤال عليها ، فتنبو مناب الجملة ، كأن تقول في جواب : هل حضر والدم ؟ لا ، إي ما حضر والدي .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ رصف المباني ص 204 ، والجنى الداني ص 39 ، والمغني ج1 ص38 .
2 ـ 20 الشعراء . 3 ـ 92 المؤمنون .
ومنه قول ذي الرمة :
أذو زوجة بالمِصر أم ذو خصومة أراك لها بالبصرة العام تاويا
فقلت لهـا : لا إن أهلي جــيرة لأَكْثِبةِ الدهنا جميعا ومالـيا
الشاهد قوله : " لا " حيث حذف الجملة الفعلية بعدها في الجواب ، لدلالة السؤال عليها ، والتقدير : لا لم يكن لي زوجة بالِمصر .
10 ـ كلاّ : حرف جواب تفيد معنى النفي والردع .
كأن تقول لمن يسألك : هل أنت جبان ؟ كلاّ .
وفي جوابك بها نفي لصفة الجبن ، وردع للسائل ، وزجر له .
ومنه قول ابن زيدون :
كلاّ ولا المسك النموم أريحه متعطرا إلا بوسم ثناك
وتأتي " كلاّ " بمعنى " حقا " مرافقا للقسم .
150 ـ كقوله تعالى : { كلاّ والقمر }1 .
وتأتي بمعنى " ألا " الاستفتاحية إذا لم يسبقها في الكلام ما يقتضي الزجر ، أو النفي (2) .
كقوله تعالى : { كلا إن الإنسان ليطغى }3 .
وقوله تعالى : { كلا إنهم عند ربهم يومئذ لمحجوبون }4 .
3 ـ حرفا التنبيه ، أو الاستفتاح : أما ، وألا ، وهما غير عاملين . راجعهما في بابهما .
4 ـ حرفا الاستفهام : هل ، والهمزة ، وهما غير عاملين . راجعهما في بابهما .
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 32 المدثر . 2 ـ المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها .
3 ـ 6 العلق . 4 ـ 15 المطففين .
5 ـ واو الحال : غير عاملة . راجعها في بابها .
6 ـ حرفا النفي : لا ، وما ، غير عاملين .
أ ـ " لا " النافية التي لا عمل لها ، وتنقسم إلى ثلاثة أنواع :
1 ـ " لا " النافية غير العاطفة ، وغير الجوابية ، وتختص بالدخول على الأسماء ، والأفعال على حد سواء .
مثال دخولها على الأسماء : لا خالدٌ في المدرسة ولا محمدٌ .
ومن شروطها التكرار .
151 ـ كقوله تعالى : { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون }1 .
ومنه قول الشاعر :
ليس منا المضربون ولا قيس ولا جندل ولا الحداء
الشاهد قوله : ولا قيس ، ولا جندل ... إلخ حيث جاءت " لا " نافية مكررة لا عمل لها ، ويعرب الاسم بعدها حسب موقعه من الجملة ، وهو معطوف على اسم ليس " المضربون " .
ومثال دخولها على الأفعال قول المتنبي :
فتى لا يضم القلب همات قلبه ولو ضمها قلب لما ضمه صدر
ويكثر دخول " لا " النافية غير العاملة على الأفعال المضارعة ، كما مثلنا سابقا ، وقد تخل على الأفعال الماضية على قلة ، ويشترط فيها حينئذ التكرار لفظا ، أو معنى .
152 ـ مثال المكررة لفظا قوله تعالى : { فلا صدق ولا صلى }2 .
ومثال المكررة معنى ( غير مكررة بلفظها ) .
153 ـ قوله تعالى : { فلا اقتحم العقبة }3 .
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ 47 الصافات . 2 ـ 31 القيامة .
3 ـ 11 البلد .
ومنه قول المتنبي :
لا سرت من إبل لو أني فوقها لمحت حرارة مدمعي سيماتها
2 ـ لا النافية العاطفة : وهي التي تعطف ما بعدها على ما قبلها ، وتشرك في الإعراب دون المعنى ، ومن شروطها :
أ ـ أن يتقدمها إثبات
ب ـ ألا تقترن بحرف عطف .
ج ـ أن يكون ما بعدها ضد لما قبلها ( أي : متعاندين ) .
نحو : يقوم محمد لا خالد .
كما تعطف جملة لا محل لها من الإعراب . نحو : يقوم لا يقعد .
3 ـ لا النافية الجوابية ، وهي نقيضة " نعم " . راجعها في بابها .
ب ـ " ما " النافية غير العاملة ، وتختص بالدخول على الأفعال ماضية كانت ، أو مضارعة .
نحو : ما جاء محمد .
154 ـ ومنه قوله تعالى : { ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي }1 .
ومنه قول كثير :
وما تبصر العينان في موضع الهوى ولا تسمع الأذنان إلا من القلب
أما " لا " ، و " ما " النافيتان العاملتان عمل ليس ، فراجعهما في بابهما .
7 ـ حرفا التفسير : أي ، وأن ، وهما غير عاملين ، ويقال لهما حرفا العبارة .
أ ـ أي : حرف تفسير لما قبله ، وعبارة عنه ، وهو يفسر مفردا بمفرد ، أو جملة بجملة . مثال المفرد : أنت أسد ، أي : شجاع .
58 ـ ومثال الجملة قول الشاعر ( بلا نسبة ) :
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب وتقلينني لكن إياك لا أقلي
ب ـ أن : مفسرة ، لا تأتي إلا بعد فعل القول (2) .
ـــــــــــــ
1 ـ 15 يونس . 2 ـ شرح المفصل ج2 ص 141 .
نحو : أشرت إليه أن قم ، وأمرته أن اقعد .
155 ـ ومنه قوله تعالى : { وأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا }1 .
وقوله تعالى : { وانطلق الملأ منهم أن امشوا }2 .
وقوله تعالى : { وناديناه أن يا إبراهيم }3 .
وبعد العرض السابق لتقسيم الحروف بحسب مكانها من الكلام ، نذكر الدارس بأن هناك حروفا لم يكن موضعها ضمن تقسيمنا ، لأنها إمّا أن تتداخل بين الاسم ، أو الفعل ، وإمّا أن تأتي بعد الاسم ، أو بعد الفعل سواء أكانت متصلة به ، أو منفصلة عنه ، وهذه الحروف هي :
اللامات ، وحروف تأتي بعد الاسم هي : حرفا الخطاب : الكاف ، والتاء ، وحرف الإنكار ( أحد حروف المد ) .
وحروف تأتي بعد الفعل وهي : تاء التأنيث الساكنة ، ونون التوكيد ، وهاء السكت ، وشين الوقف ، وحرف التذكر .
وحروف الزيادة وهي : إن ، أن ، ما ، لا ، من ، الباء . ولهذه الحروف مسميات مختلفة ، فعضهم يسميها حروف الصلة ، أو الحشو ، والبعض يسميها حروف الزيادة ، أو الإلغاء .
عدد المساهمات : 116 شكروتقدير : 0 تاريخ التسجيل : 08/12/2009
موضوع: تكمله الجمعة ديسمبر 11, 2009 5:50 am
أولا ـ اللامات
اللام أحد حروف المعاني الدالة على معنى في غيره ، كبقية حروف المعاني الأخرى التي تعرضنا بالحديث عنها ، وكما بين ذلك نحاة العربية ، وقد ذكر بعض النحويين المحدثين أن اللام تكون حرفا من حروف المعاني التي تدل على معنى في غيرها إذا كانت محصورة في حرف الجر ، أما إذا كانت غير جارة كلام الجزم ، واللام غير العاملة فهي حرف من حروف المعاني الدالة على معنى في نفسها ، وقد شمل هذا التقسيم عند الباحث جميع حروف المعاني ، فما كان منها عاملا الجر ، جعله من الحروف الدالة على معنى في غيرها ، وما كان منها لغير الجر جعله من الحروف الدالة على معنى في نفسها ، وأرى في هذا التقسيم أيضا تشتيتا لذهن الدارس ، وقد ذكرنا رأينا في هذا الموضوع ولسنا في حاجة إلى معاودة الحديث فيه . وقد اعتمد الباحث في تقسيمه هذا على تعريف بعض الأصوليين للحرف باعتبار أن بعض معناها إيجادي ، والبعض الآخر معناه إحضاري ، ويقصد بالمعنى الإيجادي أن تلك الحروف وضعت لإيجاد نسبة ، أو علاقة بين الألفاظ حين استعمالها في الجملة ، فإذا قلنا : سرت من بغداد إلى الشام ، فإن حرف الجر " من " ، أو " إلى " لم يعط أي دلالة في نفسه سوى القيام بوظيفة الربط بين الفعل والاسم ، وإيجاد النسبة بينهما ، حيث إننا من خلال استعمال الحرفين السابقين استطعنا أن نفهم أن بغداد كانت نقطة البدء في السير ، وأن الشام كانت نقطة الانتهاء .
ويقرر الباحث على ضوء ما سبق أن الحروف الإيجادية لم توضع في اللغة لإيجاد معنى أصلا ، وإنما وضعت لتستعمل كأدوات ربط بين الألفاظ ليس غير .
أما الحروف ذات المعنى الإخطاري ، فهي الحروف الحاكية عن معنى مخطر في الذهن ، أي أن شأنها في الاستعمال شأن الأسماء ، والأفعال ، فكما أن الأسماء ، والأفعال عندما تستعمل تدل على المعنى المفهوم منها ، والمتقرر في الذهن ، أو الخاطر ، والحاضر في الذهن ، كذلك الحروف الإخطارية ، وتشمل الحروف الإخطارية جميع حروف المعاني التي لا تعمل الجر (1) .
أقسام اللام :
تنقسم اللام قسمين :
أ ـ اللام العاملة ، وتشمل لام الجر ، ولام النصب ، ولام الجزم ، وقد تعرضنا لتلك في أبوابها ، ولا داعي لتكرارها .
ب ـ اللام غير العاملة ، وتنقسم إلى أنواع متعددة ، وسنتعرض لها بالتفصيل إن شاء الله .
أقسام اللام غير العاملة : ـ
1 ـ لام الابتداء : حكمها الفتح ، وتكون لتوكيد مضمون الجملة ، وتختص بالدخول على الأسماء الواقعة مبتدآت ، أو ما حل في موضعها من المضارع ، وتخليصه إلى الحال . مثال دخولها على الأسماء : لمحمدٌ أحق بالجائزة .
كما تدخل على الفعل الجامد لمشابهته بالاسم ، كنعم ، وبئس .
59 ـ نحو قول زهير :
ولنعم حشو الدرع أنت إذا دُعِيتْ نزال ولُجَّ في الذُّعر
ــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ بتصرف عن كتاب اللامات للدكتور عبد الهادي الفضلي ص60 وما بعدها .
2 ـ 30 النحل . 3 ـ 13 الحشر .
157 ـ ومنه قوله تعالى : { لبئس ما كانوا يعملون }1 .
كما تدخل على الفعل الماضي المتصرف المقرون بقد .
نحو : إنك لقد فعلت خيرا .
وربما دخلت أيضا على بعض الحروف الناصبة للفعل كـ " أنْ " المصدرية ، لأنها تكون مع الفعل في موضع المبتدأ . نحو : لأن تقول الحق خير من أن تصمت .
وعلى " سوف " لأنها تخلص الفعل للاستقبال .
158 ـ نحو قوله تعالى : { ولسوف يعطيك ربك فترضى }2 .
2 ـ اللام المزحلقة : تدخل للام الابتداء السابقة الذكر في مواضع غير التي ذكرنا ، فهي تدخل على خبر المبتدأ ، ويكون ذلك قياسا إذا كان خبرا لـ " إنَّ " المكسورة الهمزة المشبهة بالفعل ( حرف توكيد ونصب ) .
نحو : إن محمدا لصادق .
159 ـ ومنه قوله تعالى : { إن الله لغفور رحيم } 3 .
وقوله تعالى : { إن ربك لسريع العقاب }4 .
وتدخل على خبر " إن " إذا كان فعلا مضارعا ، أو ظرفا ، أو جارا ومجرورا .
مثال دخولها على المضارع قوله تعالى : { إني ليحزنني أن تذهبوا به }5 .
60 ـ ومنه قول أبي صخر الهذلي :
إني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بلله القطر
ومثال دخولها على الظرف : إن محمدا لعندك .
ومثال دخولها على المجرور قوله تعالى : { وإنك لعلى خلق عظيم }6 .
ــــــــــــــــــــ
1 ـ 62 المائدة . 2 ـ 5 الضحى .
3 ـ 18 النحل .4 ـ 167 الأعراف .
5 ـ 13 يوسف . 6 ـ 4 القلم .
وتسمى هذه اللام التي ذكرناها في المواضع السابقة باللام المزحلقة ، لأنها تزحلقت من اسم " إن " إلى خبرها .
وقد ذكر الرماني أن هذه اللام " كان حقها أن تكون قبل " إنَّ " إلا أنهم كرهوا الجمع بين حرفي التوكيد فزحلقوا اللام إلى الخبر ، وكانت اللام أولى بذلك لأنها غير عاملة ، فكان تقديم العامل أولى " (1) .
3 ـ اللام الزائدة :
1 ـ إذا دخلت لام الابتداء على خبر المبتدأ ، ولم يكن مصدرا بـ " إنَّ " فهي حينئذ زائدة ، لآن لام الابتداء لها الصدارة في الكلام .
نحو : لشاعر أنت .
61 ـ ومنه قول رؤبة بن العجاج :
أم الحليس لعجوز شهربة ترضى من اللحم بعظم الرقبة
وقد ذكر ابن هشام في المغني فقال : " اللام الزائدة وهي الداخلة في خبر المبتدأ ، واستشهد ببيت رؤبة السابق ، وقال : " وقيل الأصل لهي عجوز " .
2 ـ وكما تزاد اللام في خبر المبتدأ ، تزاد أيضا في خبر " أن " المفتوحة الهمزة ، كقراءة سعيد بن جبير في قوله تعالى : { ألا أنهم ليأكلون الطعام }2 .
62 ـ ومنه قول الشاعر ( بلا نسبة ) :
ألم تكن حلفت بالله العلي أن مطاياك لَمِن خير المطي
3 ـ وفي خبر لكنَّ . نحو : ولكن الأمر لشديد .
ومنه قول الشاعر ( بلا نسبة ) :
يلومونني في حب ليلى عواذلي ولكنني من حبها لعميد
4 ـ وفي خبر ما زال . نحو : ما زال المطر لمنهمرا .
ــــــــــــــــــ
1 ـ كتاب معاني الحروف ص51 .
2 ـ 20 لقمان .
ومنه قول كثير عزة :
وما زلت من ليلى لدن أن عرفتها كالهائم المقصي بكل مراد
5 ـ وفي المفعول الثاني لرأى . نحو : أراك لقادما .
6 ـ في خبر أمسى .
63 ـ كقول الشاعر :
مروا عجالا فقالوا كيف صاحبكم قال الذي سألوا : أمسى لمجهودا (1) .
7 ـ وقد تزاد مع " إنْ " الشرطية ، وهذا خاص بالشعر كما ذكر ابن هشام .
نحو : لئن قام زيد أقم ، وأنت ظالم لئن فعلت .
64 ـ ومنه قول الشاعر :
لئن كانت الدنيا عليَّ كما أرى تباريح من ليلى فللموت أروح
ومنه قول الآخر :
لئن كان ما حدثته اليوم صادقا أصُم في نهار القيظ للشمس باديا
8 ـ وتزاد مع الجار والمجرور للتوكيد .
كقول الشاعر ( بلا نسبة ) :
فلا والله لا يلقى لما بي ولا لِلِما بنا أبدا دواء
ومنه قول الآخر :
إن الخلافة بعدهم لذميمة وخلائقٌ ظرفٌ لِمِما أحقر
9 ـ وتزاد مع لولا للتوكيد أيضا كما في
قول الشاعر ( بلا نسبة ) :
للولا قاسم ويدا مسيلٍ لقد جرت عليك يد غشوم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ روي البيت السابق برواية أخرى هي :
مروا عجالى فقالوا كيف سيدكم فقال من سألوا : أمسى لمجهودا
راجع في ذلك كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها . اللام الزائدة .
ومنه قول الآخر ( بلا نسبة ) :
للولا حصينُ عُقْبةٍ أن أسوءه وأن بني سعد صديق ووالد
10 ـ وزيدت في " بَعْد " .
كقول الشاعر ( بلا نسبة ) :
ولو أن قومي لم يكونوا أعزة لَبَعْدُ لقد لاقيت لا بد مصرعا
وأغلب المواقع التي زيدت فيها اللام في الشواهد السابقة لا يقاس عليها ، وإنما يقتصر سماعها على الشعر .
* وتزاد لام البعد ، وكاف الخطاب في أسماء الإشارة ، يمكن الرجوع إليهما في موضعهما .
هذا وقد زيدت اللام زيادات صرفية في مواضع مختلفة من الكلمة ، وقد قسم النحويون زيادتها إلى قسمين :
زيادة لازمة ، وأخرى خير لازمة .
الزيادة اللازمة جاءت في ثلاثة مواضع هي : ـ
1 ـ أسماء الموصول . نحو : الذي ، والتي ، والذين ، وفروعها باعتبار أن الأسماء الموصولة معرفة بالصلة على المشهور ، لا باللام الاخلة عليها .
2 ـ بعض الأعلام : كـ للات ، والعزى ، والنضر ، والسموءل ، واليسع ، وغيرها من الأسماء التي لحقتها اللام . فاللام فيها زائدة ، لأن تلك الأسماء معرفة في ذاتها بالعلمية كغيرها من بقية الأعلام كمحمد ويوسف .
3 ـ " الآن " : ذكر ابن الناظم أن الألف ، واللام في كلمة " الآن " زائدة ، فقال : " ونحو الآن فإنه مبني لتضمنه معنى أداة التعريف ، والألف واللام فيه زائدة غير مفارقة " (1) .
ــــــــــــــــــــــــ
1 ـ شرح ابن الناظم ص100 ، ورصف المبني ص 164 .
أما الزائدة غير اللازمة ، وتسمى بالعارضة أيضا ، وتكون زيادتها في الآتي :
1 ـ المصادر ، والأعلام المنقولة المسمى بها على معنى لمح الصفة في أصل التسمية . كالحسن ، والحسين ، والفضل ، والرشيد ، والحارث ، والضحاك ، والمعتصم ، والأمين ، والمأمون ، وغيرها . فالمصادر ، والأسماء السابقة ، وما شابهها قد سمي بها مجردة من اللام ، ثم دخلت عليها اللام للإشارة إلى أصلها الذي نقلت عنه من وصف ، أو مصدر .
2 ـ اللام الزائدة زيادة غير لازمة في العدد وتمييزه . نحو : دفعت له الخمسة عشر الجنيهات .
3 ـ وقد زيدت أيضا زيادة غير لازمة في المسموع من الشعر للضرورة ، وجاءت هذه الزيادة في موضعين هما :
أ ـ الأعلام .
65 ـ كقول الشاعر :
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ولقد نهيت عن بنات الأوبر
الشاهد قوله : بنات الأوبر ، وأراد بنات أوبر ، وكلمة أوبر علم لنوع من الكمأة .
ب ـ في التمييز الملحوظ .
66 ـ كقول الشاعر :
رأيتك لما أن عرفت وجوهنا صددت وطبت النفس يا قيس من عمرو
4 ـ اللام الفارقة : هي اللام الواقعة بعد " إنْ " المخففة من الثقيلة .
نحو : إن محمدٌ لقائمٌ .
ـــــــــــــــــــــــــ
1 ـ للاستزادة في هذا الموضوع راجع كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج1 ،
وباب الموصول الحرفي لمعرفة مواطن زيادة أل مفصلة .
ومنه قوله تعالى : { وإن كانت لكبيرة }1 .
160 ـ وقوله تعالى : { إن كل نفس لما عليها حافظ }2 .
وهذه اللام نوع من " لام " الابتداء ، فقد ذكر سيبويه ، وأكثر النحاة أنها لام الابتداء أفادت مع إفادتها توكيد النسبة ، وتخليص المضارع للحال ، الفرق بين " إنْ " المخففة من الثقيلة ، و " إنْ " النافية ، لهذا صارت لازمة بعد أن كانت جائزة ، اللهم إن دل دليل على قصد الإثبات " (3) .
كقراءة أبي رجاء في قوله تعالى : { وإن كل ذلك لِما متاع الحياة الدنيا }4 .
بكسر اللام ، أي : للذي .
5 ـ اللام الوطئة للقسم : وتسمى اللام المؤذنة ، وهي التي تمهد لجواب القسم ، وتدخل عل أداة الشرط ، للئيذان بأن الجواب بعدها مبني على قسم قبلها ، لا على شرط . 161 ـ كقوله تعالى : { لئن أمرتهم ليخرجن }5 .
وقوله تعالى : { لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون }6 .
وغالبا ما يكون دخول اللام الموطئة للقسم على " إن " الشرطية ، ولكن سيبويه ذكر أن دخولها لا يقتصر على إن الشرطية ، بل تدخل أيضا على " ما " الموصولة ، 162 ـ كقوله تعالى : { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لَمَا آتيتكم من كتاب وحكمة }7.
وقال سيبويه : " والله لئن فعلت لأفعلن ، واللام التي في " ما " كهذه التي في " إن " .
ــــــــــــــــــــ
1 ـ 143 البقرة . 2 ـ 4 الطارق .
3 ـ المغني ج1 ص 231 وما بعدها .
4 ـ 143 البقرة . 5 ـ 4 الطارق .
6 ـ 12 الحشر . 7 ـ 81 آل عمران .
وبالرجوع إلى كتب التفسير نجد أن " ما " في الآية السابقة شرطية ، والمعنى لمهما آتيتكم ، وعليه فاللام الداخلة عليها تكون موطئة للقسم ، تشبيها لـ " ما " الشرطية ، بـ " إن " الشرطية ، واللام كـ " اللام " الداخلة على " إن " ، ولكن لشذوذ دخول اللام الموطئة للقسم على غير " إن " الشرطية ، فتكون " ما " موصولة ، واللام للابتداء حملا على الأكثر (1) .
وقد دخلت " اللام " الموطئة للقسم على " إذ " لمشابهتها " إن " الشرطية .
67 ـ كما في قول الشاعر ( بلا نسبة ) :
غضبتْ عليَّ وقد شربت بجِزَّة فلإذ غضبتِ لأشربنْ بخروف
ودخلت أيضا على " متى " .
68 ـ كقول الشاعر ( بلا نسبة ) :
لمتى صلحت ليقضين لك صالح ولتجزينَّ إذا جزيتَ جميلا
تنبيه : إن دخول اللام فيما سبق على غير " إنْ " الشرطية لا ينقاس عليه .
6 ـ اللام الواقعة في جواب القسم :
لام تدخل على الجمل الاسمية ، والفعلية ، الواقعة جوابا لقسم ظاهر .
نحو : أقسم بالله لخالد قادم ، وأقسم بالله لأقولن الحق .
163 ـ ومنه قوله تعالى : { تالله لقد آترك الله }2 .
وقوله تعالى : { وتالله لكيدن أصنامكم }3 .
ويكثر في الفعل الماضي المتصرف إذا وقع جوابا للقسم أن يقترن بـ " قد " .
نحو قوله تعالى : { تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض }4 .
وقوله تعالى : { تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك }5 .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ المغني ج1 ص 235 .
2 ـ 91 يوسف . 3 ـ 57 الأنبياء .
4 ـ 73 يوسف .5 ـ 63 النحل .
وقد لا يقترن بها كما في قول امرئ القيس :
حلفت لها بالله حلفة فاجر لناموا فما من حديث ولا صالي
وقد تلحق اللام جواب القسم المحذوف ، ولم يبق منه إلا المقسم به كما في الآيتين السابقتين ، وقد تلحق جواب القسم المحذوف بالكلية .
نحو : لقد قدمتك على المتفوقين .
164 ـ ومنه قوله تعالى : { لقد من الله على المؤمنين }1 .
وقوله تعالى : { لقد نصركم الله في مواطن كثيرة }2 .
7 ـ اللام الواقعة في جواب لو ، ولولا :
كقوله تعالى : ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم }3 .
وقوله تعالى : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا }4 .
69 ـ ومنه قول الحمير :
ولو أن ليلى الأخيلية سلمــت علىَّ ودوني جنــدل وصفائـح
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا إليها صدى من جانب القبر صائح
ومثال اللام الواقعة في جواب لولا .
قوله تعالى : { لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض }5 .
ومنه قول المتنبي :
ولولا أنني في غير نوم لكنت أظنني مني خيالا
8 ـ لام البعد : هي اللام الداخلة على أسماء الإشارة للدلالة على البعد ، وتعد من أنواع اللامات الزائدة .
165 ـ نحو قوله تعالى : { ذلك الكتاب لا ريب فيه }6 .
ـــــــــــــــ
1 ـ 164 آل عمران . 2 ـ 25 التوبة .
3 ـ 66 النساء . 4 ـ 22 الأنبياء .
5 ـ 251 البقرة . 6 ـ 1 البقرة .
وقوله تعالى : { تلك آيات الكتاب المبين }1 .
9 ـ لام التعجب غير الجارة : يقول عنها ابن هشام ، وقد ذكر ذلك ابن خالويه في كتابه المسمى بالجمل " وعندي أنها لام الابتداء دخلت على الفعل الماضي لشبهه في جموده بالاسم ، وإما لام جواب قسم مقدر " (2) .
نحو : لَظَرُف زيد ولَكَرُم عمر . بمعنى ما أظرفه ، وما أكرمه .
10 ـ لام " أل " التعريف : وهي اللام الداخلة على الأسماء راجعها في بابها .
ثانيا ـ حرفا الخطاب : الكاف ، والتاء
أولا ـ الكاف : حرف خطاب مبني لا محل له من الإعراب ، ويكون في المواضع التالية :
1 ـ اسم الإشارة . نقول : ذلك ، وتلك ، وذاك .
166 ـ ومنه قوله تعالى : { ذلك الدين القيم }3.
2 ـ آخر ضمير النصب المنفصل " إياك " وأخواته . لأن " إيا " هو الضمير ، والكاف حرف خطاب لا محل له من الإعراب .
167 ـ نحو قوله تعالى : { إياك نعبد وإياك نستعين }4 .
3 ـ بعد الضمير الواقع في الفعل " أرأيت " الذي بمعنى " أخبرني " .
168 ـ نحو قوله تعالى : { أرأيتك هذا الذي كرمت عليَّ }5 .
4 ـ آخر بعض الأفعال ، وأسماء الأفعال :
نحو : أبصرك محمدا . وليسك الرجل قائما . ونعمك الطالب عمرو .
فالكاف في الأفعال السابقة ، وأسمائها حرف خطاب مبني لا محل له من الإعراب .
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ 2 القصص . 2 ـ المغني ج1 ص 237 .
3 ـ 40 يوسف . 4 ـ 4 الفاتحة .
5 ـ 62 الإسراء .
5 ـ كما تتصل ببعض الحروف وهي : بلا ، وكلا .
نحو : بلاك ، وكلاك .
وهذا النوع الأخير لا ينقاس عليه ، وإنما ذكرناه للفائدة .
تنبيه :
لقد ورد ذكر " الكاف " في حروف الجر ، وقد ورد كحرف خطاب ، وورد ضميرا في محل نصب ، ثم عددوا لها مواضع إعرابية كثيرة ، وفي جميع هذه المواضع تكون مضافة إلى ضميرا منفصلا ، ونذكر هنا وروده اسما بمعنى " مثل " وتفيد التشبيه .
فقد أثبت النحويون مجيء " الكاف " بمعنى " مثل " كغيرها من الأدوات الدائرة بين الحرفية ، والاسمية ، وقد تعرضنا لهذا الموضوع في باب حروف الجر .
وإليك مواضعها الإعرابية مفصلة :
1 ـ تأتي فاعلا .
70 ـ كقول الأعشى :
أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل
الشاهد قوله : " كالطعن " فالكاف في محل رفع فاعل ، وهي مضاف ، والطعن مضاف إليه .
2 ـ تأتي " الكاف " في محل رفع مبتدأ .
71 ـ كقول أوس بن حجر :
أبدا كالفراء فوق ذراها حين يطوي المسامع الصدار
ومنه قول المتنبي :
أتت زائرا ما خامر الطيب ثوبها كالمسك من أردانها يتضوع
الشاهد في البيتين السابقين قول الأول : " كالفراء " ، وقول الثاني : " كالمسك " ، فالكاف في كل من الكلمتين في محل رفع مبتدأ ، والفراء ، والمسك في محل جر مضاف إليه .
3 ـ تأتي في محل رفع اسم كان .
72 ـ كقول جميل بثينة :
لو كان في قلبي كقدر قلامة حبا لغيرك ما أتتك رسائلي
الشاهد قوله : " كقدر " ، فالكاف في محل رفع اسم كان ، وقد مضاف إليه .
4 ـ في محل نصب خبر كان .
73 ـ كقول الفرزدق :
وكنت كفاقئ عينيه عمدا فأصبح ما يضيء له نهار
الشاهد قوله : " كفاقئ " ، فالكاف في محل نصب خبر كان ، وفاقئ مضاف إليه .
5 ـ تأتي مفعولا به .
74 ـ كقول النابغة الذبياني :
لا يبرمون إذا ما الأفق جلله برد الشتاء من الأمحال كالأدم
الشاهد قوله : " كالأدم " فالكاف في محل نصب مفعول به لـ " يبرمون " .
6 ـ وتأتي خبرا لـ " إن " .
كقول مسكين الدارمي :
أخاك أخاك إنَّ من لا أخا له كساع إلى الهيجا بغير سلاح
فالكاف في " كساع " في محل رفع خبر إن ، وساع في محل جر بالإضافة .
7 ـ وتأتي مجرورة بحر الجر .
76 ـ كقول الشاعر ( بلا نسبة ) :
بكاللقوة الشعواء جلت فلم أكن لأولع إلا بالكمي المقنع
الكاف في قوله " بكاللقوة " في محل جر بالباء ، وهي مضاف ، واللقوة مضاف إليه .
8 ـ وتأتي في محل جر مضافا إليه .
77 ـ كقول الشاعر ( بلا نسبة ) :
تيم القلبَ حبُ كالبدر لا بل فاق حسنا من تيم القلب حبا
الكاف في قوله " كالبدر " في محل جر مضاف إليه للحب ، وهي مضاف ، والبدر مضاف إليه .
9 ـ تأتي صفة .
78 ـ كقول امرئ القيس :
وليل كموج البحر أرخى سدوله عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
الشاهد قوله : " كموج " فالكاف في محل جر صفة لليل ، وهي مضاف ، وليل مضاف إليه .
10 ـ وتأتي الكاف بمعنى " مثل " نائبة عن المفعول المطلق ، أو صفة لمفعول مطلق محذوف .
79 ـ كقول جرير :
من سد مطلع النفاق عليكم أم من يصول كصولة الحجاج
الكاف في قوله : " كصولة " إما نائبة عن المفعول المطلق ، والتقدير : يصول صولا مثل صولة الحجاج ، فحذف المفعول المطلق ، وأناب عنه نائبه ، أو هي صفة له (1) .
ثانيا ـ التاء : ذكرنا في باب الضمائر أن الكاف ، والتاء إذا اتصلتا بالفعل ، أو اتصلت إحداها به كانت ضميرا متصلا للمخاطب .
نحو : أكرمتك ، وأكرمت محمدا ، وأكرمك عليٌّ .
ثم ذكرنا أن التاء ، والكاف حرفا خطاب ، أما الكاف ففصلنا فيها القول أنفا ، وأما التاء فهي حرف خطاب إذا لحقت الضمير المنفصل المرفوع .
نحو : أنت كريم ، وأنتِ مهذبة .
فالتاء في " أنتَ " ، و " أنتِ " حرف خطاب ، و" أن " هو الضمير ، وهذا مذهب
ـــــــــــــــــــــ
1 ـ المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج 2 .
جمهور النحاة . أما بعض النحويين كالفراء يرى أن مجموع الكلمة " أنت " هو الضمير (1) .
وكذلك الحال في " أنتما ، وأنتم ، وأنتن " ، فـ " أن " هو الضمير ، والتاء حرف خطاب ، والميم زائدة للدلالة على التثنية في أنتما ، وعلى الجمع في أنتم ، والنون في أنتن حرف زائد للدلالة على النسوة .
ثالثا ـ حرف الإنكار : حرف من حروف المد ، كالزيادة اللاحقة للندبة ، ويأتي على معنيين :
1 ـ أن تنكر وجود ما ذكر وجوده ، وتبطله ، كرجل قال : أتاك زيد ، وزيد ممتنع أتيانه فينكر لبطلانه عنده .
2 ـ أن تنكر أن يكون على خلاف ما ذكر . كقولك : أتاك زيد ، فتنكر سؤاله عن ذلك ، وزيد من عادته أن يأتيه .
ومن أمثلة ماسبق أن نقول : أزيدنيه . دون أن نفصل بين الاسم وبين حرف الإنكار بفاصل . ومن العرب من يفصل بين الاسم وحرف الإنكار بفاصل .
نحو قولهم : أزيدانيه . فقد زيدت " إن " بين حرف المد ، وبين الحرف الأخير من الاسم .
ويتبع حرف الإنكار حركة الحرف الأخير من الاسم الذي يلحقه ، فإذا كانت حركة الحرف الأخير من الاسم مضمومة ، ولم يفصل بينه وبين حرف الإنكار بفاصل كانت الزيادة واوا . نحو : قولهم : في جواب من قال : هذا عمر منكرا إياه " أعمروه " .
وإن كان مفتوحا كانت الزيادة ألفا . نحو قولهم : في جواب من قال : رأيت سلمان " أسلماناه " . ــــــــــــــــــــــــ
2 ـ الجنى الداني ص 58 ، ورصف المباني ص 245 ،
وشرح المفصل لابن يعش ج 7 ص 126 .
وإن كان مكسورا كانت الزيادة ياء . نحو قولهم : في جواب من قال : مررت بحذام : أحذاميه .
وكل ما سبق شبيه بزيادة الندبه ، كما هو الحال في الاسم المندوب .
أما إذا كان الحرف الأخير من الاسم ساكنا قدرت الزيادة ساكنة ، ثم كسر الساكن الأول لالتقاء الساكنين ، وجعلت ما قبل الزيادة ياء من جني الكسرة .
نحو : قولك في جواب من قال : هذا زيدا : أزيدنيه ، فالدال مضمومة محكية ، وحركتها إعراب ، والتنوين متحرك بالكسر ، وحركتها بناء لالتقاء الساكنين (1) .
ويكون حرف الإنكار في آخر الكلام ومنتهاه ، لذلك يقع بعد المعطوف .
نحو : قولك : مجيبا لمن قال : لقيت زيدا وعمرا : أزيدا وعمرنيه .
فقد أسقط حرف الإنكار من المعطوف عليه ، ولحق المعطوف ، لأنه آخر الكلام ، مع كسر التنوين لسكون المد بعده ، وتجعل حرف الإنكار " ياء " لانكسار ما قبله .
ويقع بعد الضمة . نحو : أزيدا الطويلاه ، جوابا لمن قال : ضربت زيدا الطويل .
ويقع بعد المفعول به . نحو : أضربت عمراه . جوابا لمن قال : ضربت عمر .
ومن الأمثلة السابقة يتضح أن حرف الإنكار ( حرف المد ) لا يلحق إلا آخر الكلام ، فإذا كان آخر الكلام صفة لحقها ، ولم يلحق الموصوف ، وإذا كان معطوفا لحقه ، ولم يلحق المعطوف عليه ، وكذلك إذا كان أخر الكلام مفعولا به لحقه ولم يلحق الفاعل ولو كان اسما ظاهرا .
رابعا ـ تاء التأنيث الساكنة :
حرف يختص بالدخول على الفعل الماضي لفظا ، سواء أكان في المعنى مستقبلا ، أم لم يكن ، فتدل على تأنيث فاعله ، إما حقيقة ، أة مجازا .
مثال دخولها على الماضي مع عدم دلالته على المستقبل ، والفاعل مؤنثا حقيقيا : قامت فاطمة .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ شرح المفصل ج 9 ص 51 .
169 ـ ومنه قوله تعالى : { إذ قالت امرأة عمران }1 .
ومثال الفاعل المؤنث مجازيا : طلعت الشمس .
ومثال دخولها على الفعل الماضي الدال على المستقبل : إن قامت هند قمت .
ومتى طلعت الشمس يحل الدفء .
ومنه قوله تعالى : { علمت نفس ما قدمت }2 .
* وتاء التأنيث الساكنة حرف بالإجماع سواء تقدمت على الاسم المؤنث ، نحو : نجحت مريم . أو تأخرت عنه ، نحو : عائشة وصلت .
والدليل على حرفيتها عند تأخيرها عن الاسم بروز ضمير التثنية " الألف " معها فنقول : الطالبتان قامتا . ولو كانت ضميرا لما اجتمعت مع ضمير ألف الاثنين .
* ولا تكون تاء التأنيث إلا ساكنة وصلا ، ووقفا . نحو : قامت هند ، وسعاد جلست . إلا إذا تلاها ساكن حركت بالكسر لالتقاء الساكنين . نحو : قامت المرأة .
كما تحرك بالفتح إذا لحقها ألف الاثنين . نحو : المرأتان قامتا .
* وحركتا الكسر ، والفتح في تاء التأنيث ليسا أصلا ، وإنما حركتان عارضتان ، الأولى : أوجدها التقاء الساكنين ، والثانية : أوجدها ضمير ألف الاثنين ، والأصل التسكين .
* وإذا لحقت تاء التأنيث الاسم ، فلا تكون ساكنة ، بل تكون متحركة في آخر الاسم أبدا ، وتأتي لمعان كثيرة ، نذكر منها ما يعود بالفائدة .
1 ـ للتفريق بين الاسم المذكر ، والمؤنث . نحو : جاء امرؤ ، وجاءت امرأة .
أو للتفريق الصفات المذكرة ، والمؤنثة . نحو : هذا مهندس ، وهذه مهندسة .
أو للتفريق بين المفرد واسم الجمع . نحو : هذه وردة ، وهذا ورد . وهذه تمرة ، وهذا تمر ، وهذه كمأة ، وهذا كمء .
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ 135 آل عمران . 2 ـ 82 المائدة .
وللتفريق بين المفرد والجمع . نحو : رجل جوال ، ورجال جوالة ، وهذا بقّال ، وهؤلاء بقّالة .
2 ـ تأتي لتوكيد الصفة بغرض المبالغة . نحو : نسابة ، للعالم بالنسب .
وعلاّ للعالم بالعلوم المختلفة .
3 ـ تأتي للنسب مفردا . نحو : ثعالبة ، في المنسوبين إلى ثعلب . ومهالبة في المنسوبين إلى مهلب . وتغالبة في المنسوبين إلى تغلب ، فهي في معنى الثعلبيين ، والمهلبيين ، والتغلبيين .
4 ـ وتأتي لتأنيث اللفظ فقط اسما ، أو حرفا ويعرف بالتأنيث اللفظي . نحو : غرفة ، وبسطة .
ونحو : ثُمت ، ورُبت ، وثَمت ، ولعلت .
5 ـ وتأتي لتحديد اسم المرة ، واسم الهيئة . نحو : جلدته جلدة .
ونحو : جلست جلسة الأمير .
خامسا ـ نون التوكيد :
حرف إما أن يكون ثقيلا " مشددا " ، أو خفيفا ساكنا ، يختص بالدخول على الأفعال بشروط ، ويكون مبنيا لا محل له من الإعراب .
والنون الثقيلة أشد توكيدا للفعل من الخفيفة ، لتكرار النون فيها ، ويبنى الفعل معها على الفتح ، مع توكيده . نحو : تالله لأساعدن الضعيف .
170 ـ ومنه قوله تعالى : { ليسجننَّ وليكوننْ من الصاغرين}1 .
* حكم توكيد الأفعال بالنون وشروطها : ـ
أولا ـ الفعل الماضي :
يمتنع توكيده بالنون مطلقا ، لأنه لا يدل على طلب .
نقول : جاء الرجل راكبا ، ونام الطفل مبكرا . ولا يصح أن نقول : جاءنَّ الرجل ، ولا نامنْ الطفل .
ـــــــــــــــ
1 ـ 32 يوسف .
وما ورد منه مؤكدا فلدلالته على الاستقبال في المعنى .
80 ـ كقول الشاعر :
دامنَّ سعدك إن رحمت متيما لولاك لم يكُ للصبابة جانحا
ومنه ما ورد في الحديث عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم :
" فإمّا أدركنَّ واحد منكم الدجال " .
الشاهد في البيت قوله : " دامنَّ " ، وفي الحديث قوله : " أدركنَّ " ، وكلاهما فعلان ماضيان جاءا مؤكدان بالنون الثقيلة على غير القياس ، والمسوغ لتوكيد الفعل الأول مجيئه مستقبل المعنى ، لأنه يدل على الدعاء ، ومسوغه في الفعل الثاني مجيئه مستقبل المعنى أيضا ، لأنه فعل شرط . والله أعلم .
ثانيا ـ الفعل الأمر :
جائز التوكيد بالنون إذا استدعى الحال ذلك .
تقول : احفظن الدرس ، واجلسن مؤدبا ، واصبرن على أذى الجار .
فيا صاحبي إمّا عرضت فبلغن بني مازن والريب إلا تلاقيا
ثالثا ـ الفعل المضارع :
وفي توكيده ثلاثة أحوال : ـ
1 ـ يجب توكيده بالنون ثقيلة ، أو خفيفة بالشروط الآتية :
أ ـ أن يكون جوابا للقسم متصلا بلامه ، غير مفصول عنها بفاصل .
ب ـ أن يكون مثبتا مستقبلا .
ج ـ إلا يتقدم معموله عليه .
نحو : تالله لأكافئنَّ المجتهد .
171 ـ ومنه قوله تعالى : { تالله لأكيدن أصنامكم }1 .
وقوله تعالى : { لنتصدقن ولنكونن من الصالحين }2 .
ومنه قول الشاعر :
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر
2 ـ يجوز توكيده بالشروط الآتية :
أ ـ إذا كان مستقبلا .
ب ـ أن يكون مسبوقا بأداة من أدوات الطلب ، وهي :
1 ـ لام الأمر . نحو : ليقولن الحق أو ليصمت ، ويجوز : ليول الحق .
2 ـ لا الناهية . نحو : لا تهملن الواجب .
ومنه قوله تعالى : { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله }3 .
172 ـ وقوله تعالى : { لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد }4 .
ومنه قول الشاعر :
لا تمدحن امرأ حتى تجربه ولا تذمنه من غير تجريب
ونقول : لا تهمل ، ولا تقول ، ولا يغرك ، ولا تمدح .
3 ـ الاستفهام . نحو : هل تفوزن بالجائزة .
ومنه قوله تعالى : { هل يذهبن كيده ما يغيظ}5 .
ومنه قول الشاعر :
يا بنت عمي كتاب الله أخرجنى طوعا وهل أمنعن الله ما فعلا
82 ـ وقول الآخر :
ويا ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادي القرى إني إذن لسعيد
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ 57 الأنبياء . 2 ـ 75 التوبة .
3 ـ 23 الكهف .
4 ـ 196 آل عمران . 5 ـ 15 الحج .
وقول الشاعر :
أتهجرن خليلا صان عهدكم وأخلص الود في سر وإعلان
4 ـ التمني . نحو : ليتك تصغينَّ لنصيحتي .
83 ـ ومنه قول الشاعر :
فليتك يوم الملتقى ترينني لكي تعلمي أني امرؤ بك هائم
5 ـ الترجي . نحو : لعلك تصيبن خيرا .
6 ـ العرض : وهو الطلب بلين . نحو : ألا تساعدن المحتاج .
7 ـ الحض ، أو التحضيض : وهو الطلب بعنف وشدة . نحو : هلاَّ تقولن الحق .
84 ـ ومنه قول الشاعر :
هلاَّ تمنِّنْ بوعد غير مخلفة كما عهدتك في أيام ذي سلم
ويجوز في الأفعال السابقة عدم التوكيد كما بينا في أول الأمثلة .
ج ـ ويجوز توكيده أيضا إذا وقع الفعل بعد " لا " النافية .
نحو : أحب النشاط ولا أقبلنَّ الكسل .
173 ـ ومنه قوله تعالى : { فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها }1 .
ومنه قول الشاعر :
فلا يغرنك ما منت وما وعدت إن الأماني والأحلام تضليل
د ـ بعد إمَّا الشرطية .
174 ـ نحو : قوله تعالى : { إمَّا ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله }2 .
وقوله تعالى : { وإمَّا تعرضنَّ عنهم ابتغاء رحمة من ربك }3 .
ومنه قول الشاعر :
فإما ترينني ولي لمة فإن الحوادث أودى بها
ــــــــــــــــ
1 ـ 16 طه . 2 ـ 200 الأعراف .
3 ـ 28 الإسراء .
Admin المدير العام
عدد المساهمات : 116 شكروتقدير : 0 تاريخ التسجيل : 08/12/2009
موضوع: تكمله الجمعة ديسمبر 11, 2009 5:52 am
تتمة حروف المعاني
سادسا ـ هاء السكت :
هاء ساكنة لبيان حركة الحرف في كل مبني متحرك ، أو لبيان الألف في صيغة الندبة .
مثال بيان الحركة في كل مبني متحرك ، نقول : بمهْ ، ولمهْ ، وقهْ ، ولم يعطهْ ، وارمهْ . ومنه قوله تعالى : { هاؤم اقرءوا كتابيهْ }1 .
175 ـ وقوله تعالى : { ما أغنى عني ماليهْ هلك مني سلطانيهْ }2 .
وبيان حركة الألف ، نحو : وامعتصماهْ ، واليلاهْ .
* وزيادة هاء السكت تكون واجبة ، وجائزة .
الواجبة : هي التي لا يجوز حذفها ، أو الاستغناء عنها ، وتكون في موضعين :
1 ـ أن تزاد على الفعل الذي بقي على حرف واحد ، أو حرفين أحدهما زائد .
نحو : قِهْ . في قولنا : قِ محمدا من الهلاك .
ونحو : لا تقِهْ . في قولنا : لا تقِ محمدا من الهلاك .
2 ـ أن تزاد على " ما " الاستفهامية المجرورة بالإضافة بعد حذف الألف .
نحو : اقتضاء مَهْ ؟
أما الجائزة : فتكون في غير الموضعين السابقين ، بشرط أن يكون الوقف بها على كل متحرك حركة بناء لا تشبه الإعراب ، كـ " ما " الاستفهامية المجرورة بحرف الجر . نحو : بمهْ ، ولمهْ .
وبعد الأفعال المحذوفة الآخر جزما ، أو وقفا ، والضمائر المبنية على الفتح .
نحو : لم يدعهْ ، وأعطهْ .
176 ـ ومنه قوله تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره }3 .
والضمائر المبنية على الفتح .
177 ـ كقوله تعالى : { وما أدراك ما هيهْ }4 .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 19 الحاقة . 2 ـ 29 ، 30 الحاقة .
3 ـ 7 الزلزلة . 4 ـ 10 القارعة .
ومنه قول حسان :
إذا ما ترعرع فينا الغلام فما إن يقال له : من هوهْ
ولا يقف بهاء السكت على المبني بناء عارضا كاسم " لا " النافية للجنس ، أو المنادى المبني على الضم ، أو العدد المركب ، ولا تلحق الفعل الماضي وإن كانت حركة بنائه لازمة لشبهه بالمضارع (1) .
شين الوقف :
عبارة عن حرف الشين يجعله بعض العرب بدلا من كاف المؤنث في حالة الوقف ، حرصا على البيان ، لأن الكسرة الدالة على التأنيث تختفي في الوقف فأبدلوها شينا .
نحو قولهم : عليش : في عليك ، ومنش : في منك ، ومررت بش : في مرري بك .
* وقد تلحق الشين الكاف دون حذفها ، ويكون الوقف على الشين .
كقولهم : أكرمتكش : في أكرمتك ، ومررت بكش : في مررت بك .
* ولا يكون الوقف بالشين في حالة وصل الكلام بعضه ببعض ، وإنما يجب الحذف ، وقد سمع موقوفا في الوصل .
كقول الشاعر :
فعيناشِ عيناها وجيدُشِ جيدها سوى أن عظم الساق منشِ دقيق
ومنه قوله تعالى في قراءة بعضهم : { قد جعل ربش تحتش سريا } .
في قوله تعالى : { قد جعل ربك تحتك سريا }2 .
* وشين الوقف تسمى " الكشكشة " ، وهي إحدى لغات بني تميم ، ومثلها " الكسكسة " في بكر ، وهي : إلحاقهم بكاف المؤنث سينا في الوقف .
نحو : مررت بكس : في مررت بك ، ونزلت عليكس : في نزلت عليك .
وما سبق من لغات بعض القبائل لا يقاس عليه .
ـــــــــــــــ
1 ـ شرح ابن الناظم ص 812 .
حرف التذكر :
حرف مد يزاد بعد الكلمة ، أو الحرف إذا أريد اللفظ بما بعده ، ونسي ذلك المراد ، فيقف متذكرا ، ولا يقطع كلامه ، لأنه لم ينته منه .
نحو قولهم : قالا : في " قال " بمد فتحة اللام .
ونحو : يقولو : في " يقول " بمد ضمة اللام .
ويتبع حرف المد حركة الحرف الذي قبله ، فإن كانت حركة الحرف فتحة ، كان حرف التذكر ألفا ، وإن كانت حركة الحرف ضمة ، كان حرف التذكر واوا ، وإن كانت حركة الحرف الكسرة كان حرف التذكر الياء .
نحو قولهم : العامي : في قولهم : في العامِ .
* أما إذا كانت حركة الحرف الأخير من الكلمة التي يتذكر فبها المتكلم ، ولا يريد أن يقطع كلامه سكونا ، كـ " أل " التعريف في كلمة الرجل ، والغلام لزم كسرها تشبيها بالقافية المجرورة إذا كان حرف رويها صحيحا ساكنا .
85 ـ كقول النابغة الذبياني :
أفد الترحل غير أن ركابنا لما يزل برحالنا وكأن قدِ
الشاهد قوله : وكأن قدِ ، فكسر حرف الدال من كلمة قد ، لأنه ساكن في الأصل ، وحرك بالكسر لمجيء الساكن بعده .
ومنه قولهم : قدِ احمرَّ البلح .
وعليه نقول في التذكر : قدي ، في قد قام .
* أما إذا كانت حركة الحرف الأخير من الكلمة ، أو الحرف الذي يتذكر فيه المتكلم مما يكون مفتوحا في حالة ، ومكسورا في حالة أخرى بحسب مقتضى الكلام ، كحرف الجر " من " ، نقول : منَّا ، في حالة مجيئها مفتوحة ، في مثل قولك :
غضبت منَ الرجل .
ونقول " منِّي " في حالة مجيئها مكسرة في مثل قولنا : غضبت منِ ابنك .
وما ذكرناه آنفا ينطبق على كل ساكن وقفت عليه ، وتذكرت بعده كلاما فأنه يلزم فيه الكسر ، مع إشباع الكسرة للاستطالة ، والتذكر ، إن كان مما يكسر ، إذا تلاه ساكن ، أما إذا كان الحرف الساكن مما يكون مضموما ، ووقفت عليه متذكرا ، ألحقته واوا . كقولك : " مذو " ، في : ما رأيتك مذ اليوم .
فـ " مذ " إذا جاء ساكن بعدها ضمت ، لأن الأصل في " منذ " الضم .
حروف الزيادة : إنْ ، أنْ ، ما ، لا ، من ، والباء .
وهي حروف تزاد في وسط الكلام ، وتكون زيادتها للتأكيد ليس غير . فدخولها في الكلام كخروجها ، إذ إنها لا تحدث معنى إعرابيا ، وقد تسمى بعض النحاة هذه الحروف بحروف الزيادة ، وسماها البعض بحروف الصلة ، أو الحشو .
أولا ـ " إن " المكسورة الهمزة ، الساكنة النون ، تكون زيادتها غالبا بعد " ما " النافية ، وتكون هذه الزيادة على نوعين : ـ
1 ـ نوع تكون فيه " إن " زائدة مؤكدة . نحو : ما إن رأيته . والمقصود : ما رأيته.
فـ " إن " في الكلام السابق زائدة ، لم يكن لوجودها في الكلام أي أثر إعرابي .
ومنه قول دريد بن الصمة :
" ما إن رأيت ولا دريت به "
الشاهد قوله : " ما إن " فزاد " إن " بعد " ما " ، وتقدير المعنى : ما رأيت .
86 ـ ومنه قول الكميث :
فما إن طبنا جبن ولكن منايانا ودولة آخرين
1 ـ نوع تكون فيه " إن " زائدة كافة ، وهذا النوع لا اختلاف فيه عن النوع السابق ، وإنما يحدده نوع " ما " النافية التي تسبق " إن " الزائدة .
نحو : ما إن محمد قائم .
فـ " ما " النافية إما أن تكون حجازية ، أو تميمية . فإذا كانت حجازية فهي نافية عاملة ، و " إن " بعدها زائدة كافة لها عن العمل ، ويكون ما بعدها مبتدأ وخبر ، مثلها مثل " ما " الكافة لـ " إنَّ " الثقيلة عن العمل .
178 ـ نحو قوله تعالى : " إنما المؤمنون إخوة }1 .
وإذا كانت " ما " تميمية فهي نافية لا عمل لها ، وتمون " إن " بعدها زائدة مؤكدة للنفي كما في النوع الأول ، ونحو : ما إن رأيت .
* وزاد " إن " المؤكدة مع " ما " المصدرية ، فيكونان معا بمعنى " الحين والزمان ".
نحو : انتظرنا ما إن جلس القاضي . والمعنى : زمان جلوسه .
179 ـ ومنه قوله تعالى : { وكنت عليهم شهيدا ما دمت حيا }2 .
والمعنى : مدة دوامك ، أو زمن دوامك حيا .
حيث انسبكت " ما " مع الفعل مكونة مصدرا مؤولا يستعمل بمعنى الحين ، ويكون الظرف هو الاسم المحذوف الذي أقيم المصدر مقامه .
فإذا قلنا : سأجلس ما دمت جالسا . يكون التقدير : سأجلس مدة جلوسك .
فحذفنا الظرف ، وهو كلمة " مدة " ، أو " وقت " وجعلنا المصدر مكانها .
87 ـ ومنه قول معلوط القريعي :
ورج الفتى للخير ما إن رأيته على السن خيرا ما يزال يزيد
والمعنى : رج الخير له إذا رأيته يزداد على السن والكبر خيرا .
ثانيا ـ " أن " المفتوحة الهمزة الساكنة النون :
تزاد " أن " بعد " ما " . نحو : لما أن جاء المعلم قمنا إجلالا له .
180 ـ ومنه قوله تعالى : { ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم }3 .
فـ " أن " في الآية زائدة للتوكيد ، ويدلنا على ذلك قوله تعالى في سورة هود :
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 10 الحجرات . 2 ـ 117 المائدة .
3 ـ 33 العنكبوت .
" ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم }1 . فلا اختلاف في المعنى بين الآيتين .
كما تزاد " أن " في القسم . نحو : أما والله أن لو فعلت لفعلت .
ثالثا ـ " ما " الزائدة : تزاد " ما " على ضربين : ـ
1 ـ زائدة كافة سواء أكان ذلك للاسم ، أم للفعل ، أم للحرف .
مثال زيادتها وكفها للاسم : حضرتُ بعدما أنتم قيام .
ونحو : بينما نحن نستمع لشرح المعلم قرع الجرس .
88 ـ ومنه قول كثير عزة :
بينما نحن بالبلاكت فالقا ع سراعا والعيش تهوي هويَّا
الساهد قوله : بينما نحن ، فقد زيد " ما " بعد " بين " فكفتها عن العمل ، والأصل في الظرف أن يجر ما بعده من الأسماء بالإضافة ، فزيادة " ما " أبطل هذا العمل ، وجاء بعدها جملة ابتدائية .
وزيادتها على الفعل نحو : قلما ، وطالما .
وهي حينئذ تكفه عن العمل ، وتجعله صالحا لدخوله على فعل آخر .
نحو : قلما أحضرُ ، وطالما انتظرتُ .
ودخولها على الفعل تجعله كالحرف ، فيستغي عن الفاعل ، لتهيئته للدخول على فعل أخر ، وهذا ممتنع في الأفعال في غير هذا الموضع .
وتزاد على الحر الحرف فتكفه عن العمل من ناحية ، وتهيئه للدخول على ما لم يدخل عليه قبل الكف من ناحية أخرى .
مثال الأول : كأنما عليٌّ أسد ، ولعلما محمدٌ قادم .
181 ـ ومنه قوله تعالى : { إنما إلهكم إله واحد }2 .
وقوله تعالى : { إنما أنت مذكر }3 .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 77 هود . 2 ، 3 ـ 21 الغاشية .
182 ـ ومثال الثاني قوله تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء }1
وقوله تعالى : { كأنما يساقون إلى الموت }2 .
وقوله تعالى : { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين }3 .
2 ـ زائدة مؤكدة غير كافة ، وهي نوعان :
أ ـ أن تكون عوض عن محذوف . نحو : أمَّا أنت قائما قمت معك .
ومنه قول الشاعر :
أبا خراشة أمَّا أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضبُعُ
الشاهد قوله : أما أنت " فأما " : هي " أن " زيدت إليها " ما " للتوكيد ، وهذه العبارة عوض من " كان " المحذوفة ، والأصل : إن كنت ذا نفر .
ب ـ أن تكون زيادتها لمجرد التوكيد ، وهذا كثير في القرآن الكريم ، والشعر ، والنثر . نحو : غضبت من غير ما جرم . وعنفت من غير ما سبب .
فـ " ما " زائدة ، والأصل : من غير جرم ، ومن غير سبب .
ومنه قولهم : جئت لأمر ما . فـ " ما " زائدة ، والمقصود : ما جئت إلا لأمر .
رابعا ـ " لا " الزائدة :
تزاد " لا " وتكون ملغاة لمجرد تأكيد النفي ، كما هو الحال في " ما " .
183 ـ نحو قوله تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب }4 .
وقوله تعالى : { لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم }5 .
فـ " لا " في الآيتين زائدة للتأكيد .
ـــــــــــــــ
1 ـ 28 فاطر . 2 ـ 6 الأنفال .
3 ـ 2 الحجر . 4 ـ 29 الحديد .
5 ـ 137 النساء .
خامسا ـ " من " الجارة الزائدة :
تزاد " من " الجارة فيبقى عملها ، وتكون للتأكيد ، وقد اعتبرت زائدة لأنها لم تحدث معنى جديدا لم يكن قبل دخولها في الكلام ، وتكون زيادتها بعد النفي .
نحو : ما صافحت من أحد . وما شاهدت من زائر .
فـ " من " زائدة ، وإن كان عملها موجودا ، ومنشأ الزيادة من عدم إحداث معنى جديد كما ذكرنا ، فلا فرق في المعنى في المثالين السابقين ، وفي وقلنا :
ما صافحت أحدا ، وما شاهدت زائرا . لأن أحد ، وزائر في جميع الأمثلة السابقة يفيد العموم . 184 ـ ومنه قوله تعالى : { ما جاءنا من بشير }1 .
كما تكون زيادتها بعد الاستفهام .
185 ـ كقوله تعالى : { وتقول هل من مزيد }2 .
وقوله تعالى : { هل من خالق غير الله }3 .
سادسا ـ " الباء " :
تزاد " الباء " لتأكيد النفي دون أن تحدث معنى جديدا في الجملة التي تزاد فيها .
نحو قوله تعالى : { وكفى بالله شهيدا }4 .
186 ـ وقوله تعالى : { كفى بالله وكيلا }5 .
وزيادتها تكون في المواضع الآتية : ـ
1 ـ مع المفعول به .
187 ـ نحو قوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }6 .
فـ " الباء " في قوله " بأيديكم " زائدة لتوكيد النفي بـ " لا " .
والمراد : ولا تلقوا أيديكم ، فأيدي مفعول به منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد .
ـــــــــــــــ
1 ـ 19 المائدة . 2 ـ 30 ق .
3 ـ 3 فاطر . 4 ـ 79 النساء .
5 ـ 81 النساء . 6 ـ 195 البقرة .
ومنه قوله تعالى : { ألم يعلم بأن الله يرى }1 .
فـ " الباء " في " بأن " زائدة للتأكيد ، وأن واسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي يعلم .
ومنه قوله تعالى : { تنبت بالدهن }2 .
2 ـ تزاد " الباء " في خبر ليس وما النافيتين .
188 ـ نحو قوله تعالى : { لست عليهم بمسيطر }3 .
وقوله تعالى : { أليس الله بكاف عبده }4 .
وقوله تعالى : { ألست بربكم }5 . وقوله تعالى : { لست عليكم بوكيل }6 .
فـ " الباء " في الآيات السابقة زائدة ، والاسم بعدها في محل نصب خبر ليس .
ومثال زيادتها في خبر ما قوله تعالى : { وما أنتم بمعجزين }7 .
5 ـ وزيدت " الباء " في التعجب . نحو : أكرم بمحمد .
191 ـ ومنه قوله تعالى : { اسمع بهم وأبصر }1 .
فـ " الباء " في قوله : " بهم " زائدة ، والضمير في محل رفع فاعل لـ " اسمع " .
حروف المضارعة :
هي : الألف ، والنون ، والياء ، والتاء ، وتكون في أوائل الأفعال المضارعة لتميزها عن الأفعال الماضية ، والأمر .
وسميت بحروف المضارعة لأنها إذا دخلت على الفعل صار يضارع بها الأسماء ، أي : يشابهها ، وهذه المشابهة تكون من جهتين : ـ
1 ـ أن الفعل يدخله من الإبهام ، والتخصيص ما يدخل الاسم ، والإبهام في الفعل هو احتماله الحال والاستقبال . والتخصيص فيه : أن يخلص لأحد الزمانين بقرينة تدل على ذلك .
فإذا قلنا : أنا أكتبُ . احتمل الحال ، والاستقبال ، فإذا قلت : أنت أكتب الآن . خلص الفعل للحال ، وإذا قلت : أنا أكتب غدا . خلص الفعل للاستقبال .
وإبهام الاسم : أن يقع في أصوله على ما دخل تحت جنسه .
نحو : رجل ، فرس ، غلام ، امرأة ، مدرسة ... إلخ . ويكون تخصيصه بتعريفه بالألف واللام ، أو بالإضافة . فنفول : الرجل ، والفرس ، والغلام وما إلى ذلك .
أو : جاء رجل القوم . وهذه فرس محمد . ووصل غلامكم .
2 ـ أما الناحية الأخرى التي يشابه فيها الفعل الاسم هي : أن يكونا متساويين في عدد الحروف ، والحركات ، والسكنات .
نحو : ضارب ، ويضرب ، وكاتب ويكتب .
فاسم الفاعل " ضارب " مكون من أربعة أحرف ، وأوله متحرك ، وثانيه ساكن ، وثالثه ورابعه متحركان . وكذلك الحال في الفعل " يضرب " فهو مكون من أربعة أحرف ، وأوله متحرك ، وثانيه ساكن ، وثالثه ورابعه متحركان .
ولكن هذه القاعدة غير مطردة ، وإنما تكون في بعض الأسماء والأفعال . أما القاعدة الأولى فهي مطردة ، وهي المعمول بها ، والذي يميز الفعل المضارع هو وجود أحد أحرف المضارعة في أوله ، وقد جمعت تلك الحروف في كلمة " أنيت ".
أ ـ الهمزة على الألف : وتكون لدلالة الفعل المضارع على المفرد المتكلم .
نحو : أنا أعمل الواجب مبكرا . وأنا أتابع دروسي أولا بأول .
ومنه قول الشاعر :
أقول وقد ناحت بقربي حمامة أيا جارتا لو تعلمين بحالي
الشاهد قوله : " أقول " فالألف للمضارعة ، وهي للدلالة على المفرد المتكلم .
ومنه قوله تعالى : { إني أعلم ما لا تعلمون }1 .
وقوله تعالى : { قال سوف أستغفر لكم ربي }2 .
ب ـ النون : تكون نون المضارعة للدلالة على المثنى المتكلم مذكرين ، أو مؤنثين ، أو أحدهما مذكرا ، والآخر مؤنثا .
نحو : أنا ومحمد نخرج مسرعين . وأنا وفاطمة نحضر مبكرين .
ومنه قوله تعالى : { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام }3 .
ومنه قول امريء القيس :
خرجت بها نمشي تجر وراءنا على أثرنا ذيل مرط مُرَمَّل
وتدل نون المضارعة كذلك على جماعة المتكلمين ، ذكورا كانوا ، أو إناثا ، أو ذكورا وإناثا . نحو : أنا ومحمد وأخي نذهب إلى المدرسة مبكرين .
ونحو : نحن نذهب إلى الحقل عصرا .
ــــــــــــــــــــ
1 ـ 30 البقرة . 2 ـ 98 يوسف . 3 ـ 35 إبراهيم .
ومنه قوله تعالى : { وما لنا لا نؤمن بالله }1 .
ونحو : محمد وفاطمة وأنا ندرس في مدرسة واحدة .
ونحو : فاطمة ومريم وأنا نسكن معا .
* كما تدل النون على الواحد المعظم نفسه .
نحو قوله تعالى : { إنَّا نعلم ما يسرون }2 .
وقوله تعالى : { يوم ندعو كل أناس بإمامهم }3 .
وقوله تعالى : { نحرج منه حبا متراكما }4 .
* وقد زيدت نون المضارعة في الفعل ، لأنها تشبه حروف العلة ، أو تبدل من واو وياء العلة بالإدغام .
نحو قوله تعالى : { وما لهم من دونه من وال }5 .
وقوله تعالى : { ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه }6 .
فـ " النون " في قوله : " من وال " ، مبدله من الواو ، وفي قوله " من يفعل " مبدله من الياء وكلاهما بالإدغام .
* وتبدل " النون " من الألف في الوقف . نحو قوله تعالى : { لنسفعا بالناصية }7 .
* ويعرب بالنون كما يعرب بحروف العلة ، فهي علامة الرفع في الأفعال الخمسة .
نحو : يأكلون الطعام ، ويلعبان في الحديقة ، وتساعدين أمك .
ومنه قوله تعالى : { ثم ذرهم في خوفهم يلعبون }8 .
3 ـ الياء : أصل في المضارعة إذا كان حرف علة خالصا ، بخلاف أحرف المضارعة الأخرى .
نحو : يقوم الرجل مبكرا ، ويذهب أخي إلى المدرسة مسرعا .
ـــــــــــــــ
1 ـ 84 المائدة . 2 ـ 6 يس .
3 ـ 71 الإسراء . 4 ـ 99 الأنعام .
5 ـ 11 الرعد . 6 ـ 231 البقرة .
7 ـ 15 العلق . 8 ـ 91 الأنعام .
ومن الأدلة على أصلية الياء في المضارعة أن الياء إذا كان بعدها واو يليها حرف مكسور ، حذفت الواو لوقعها بين الياء ، وبين الكسرة .
نحو : يعد ، ويزن ، ويقف . والأصل : يوعِد ، ويوزِن ، ويوقِف .
وتكون الياء للدلالة على المذكر الغائب . نحو : أحمد يقوم .
ومنه قوله تعالى : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون }1 .
والغائبين المذكرين . نحو : الطالبان يقومان .
ومنه قوله تعالى : { وما يعلِّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة }2 .
وعلى جمع الذكور . نحو : الطلاب يقومون .
ومنه قوله تعالى : { وقال الذين لا يعلمون }3 .
وعلى جمع الإناث الغائبات . نحو : الطالبات يقمن .
ومنه قوله تعالى : { الوالدات يرضعن أولادهن }4 .
ومنه قول ابن قيس الرقيات :
ويقلن شيب قد علاك وقد كبرت فقلت إنه
4 ـ تاء المضارعة : تكون في أول الفعل للدلالة على المفرد المخاطب .
نحو : أنت تقول الحق .
ومنه قوله تعالى : { إذ تقول للمؤمنين ألن يكفكم أن يمدكم ربكم }5 .
أو المخاطبة . نحو : أنت تقولين الحق .
ومنه قوله تعالى : { فانظري ماذا تأمرين }6 .
ومنه قول أبي النجم العجلي :
" يابنة عما لا تلومي واهجعي "
ـــــــــــــــ
1 ـ 35 مريم . 2 ـ 102 البقرة .
3 ـ 118 البقرة . 4 ـ
5 ـ 124 آل عمران . 6 ـ 33 النمل .
أو المخاطبين المذكرين . نحو : أنتما تكتبان الدرس .
ومنه قوله تعالى : فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة }1 .
أو المخاطبين المؤنثين . نحو : أنتما يا هاتان تكتبان الدرس .
ومنه قوله تعالى : إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما }2 .
أو لجماعة الذكور المخاطبين . نحو : أنتم تستيقظون مبكرين .
ومنه قوله تعالى : { إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم }3 .
وقوله تعالى : { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم }4 .
أو لجماعة الإناث المخاطبات . نحو : أنتن يا طالبات تحافظن على نظافة الفصل .
ومنه قوله تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية }5 .
حروف التأنيث : الألف ، والهمزة ، والتاء .
أولا ـ الألف :
أحد الحروف الدالة على تأنيث الكلمة ، وهي قسمان : ـ
1 ـ قسم يختص بالتأنيث . 2 ـ قسم يبين التأنيث .
فالقسم المختص بالتأنيث هي الألف الواقعة طرفا في الأسماء ، وزائدة عليها ، وغير أصلية . كألف " ما " ، ولا منقلبة عن أصل كألف " عصا " ، ولا ملحقة بأصلي كألف " علقى ومعزى " ، وتكون في الثلاثي : كـ " حبلى وسلمى " ، وفي الرباعي : كـ " قرقرى وجحجحى " ، وفي الخماسي : كـ " بعثرى و طبغطرى " .
وتكون في المؤنث اللفظي ، والمعنوي ، وفي المذكر المعنوي كـ " طبغطرى " ، وتكون في المفرد المذكر كما بينا . وتكون في الجمع كـ " حجلى " جمع حجل ، وفي المصادر كـ " الرجعى والدعوى " .
ـــــــــــــــــ
1 ـ 19 الأعراف . 2 ـ 4 التحريم .
3 ـ 17 التغابن . 4 ـ 85 البقرة .
5 ـ 33 الأحزاب .
أما القسم المبين للتأنيث فهي الألف التي تلي هاء الغائبة المؤنثة .
نحو : أكرمتها ، وساعدتها .
فالألف في أكرمتها ، وساعدتها لبيان التأنيث .
ثانيا ـ الهمزة :
هي المبدلة من ألف التانيث الممدودة قياسا كألف : حمراء ، وخضراء ، وصحراء ، وخنفساء ، وما شابه ذلك .
* والأصل في مثل هذه الكلمات أن تكون فيها ألف واحدة ، إلا أنهم أرادوا أن يبنوها بناء آخر غير بناء المقصورة ، فزادوا عليها ألفا أخرى ، فاجتمعتا ساكنين فحركت الثانية منهما لأنها المقصورة في الدلالة على التأنيث .
* ولا يجوز أن نعتبر همزة التأنيث أصل في نفسها ، بل هي مبدلة من الألف كما ذكرنا ، بدليل إبدالها واوا في حالتي جمع المؤنث ، والنسب بالياء .
ولو كانت الهمزة أصلية لبقيت على حالها في حالتي الجمع ، والنسب ، كما هو الحال في همزة " قرَّاء " فإذا صرفنا الكلمة بقيت همزتها دون إبدال .
فنقول : قرأ ، وقرأت ، ومقرئ ، وقارئ ، وقارئات .
* وتكون الهمزة علامة للتأنيث في الأسماء الثلاثية المفردة .
نحو : صحراء ، وبيداء ، وصفراء .
وفي المصادر الثلاثية المفردة أيضا . نحو : سراء ، وضراء .
وفي الصفات الثلاثية المفردة . نحو : امرأة حسناء ، وخنساء .
وفي أسماء الجمع . نحو : قصباء ، وحلفاء (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ قصباء هي : القصب ، وحلفاء : نبت ، يقال أحلفت الأرض إذا أنبتت الحلفاء ،
والمفرد منه حَلِفة ، وحَلَفة بكسر اللام وفتحها ، مثل فرِحة ، وخشَبَة .
اللسان ج3 ، ص 129 ، والمعجم الوسيط ج1 ص 192 .
* وتلحق همزة التأنيث ما كان على وزن " فُعلاء " .
نحو : ناقة عُشَراء . وامرأة نُفساء .
وما كان على وزن : فِعَلاء " . نحو : سِيَراء (1) .
* وتكون في المزيد من الأسماء . نحو : كبرياء . على وزن " فِعلياء " .
ونحو : قاصِعاء . على وزن فاعَلاء . وعاشُوراء . على وزن : فاعُلاء .
ونحو : بركاء . على وزن : فَعَلاء (2) . وبرُكاء . على وزن : فَعُلاء .
ونحو : عَقْرُباء . على وزن : فَعُلاء . وخُنْفُساء . على وزن : فُعْلُلاء .
ونحو : زِمَكّاء . على وزن : فِعِلاّء (3) . وزَكَرِّياء . على وزن : فَعَلِّياء .
ويلاحظ أن جميع الألفاظ السابقة مفردة .
* وتلحق همزة التأنيث الجمع على وزن : أفعلاء . نحو : أنبياء .
ووزن : فُعلاء . : كــ علماء . (4) .
ثالثا ـ تاء التأنيث : سبق ذكرها في موضعها .
حرف الندبة والفصل : الألف .
أولا ـ حرف الندبة : الألف :
مر ذكرها في باب الندبة ، وللزيادة نقول : هي ألف تكون لمد الصوت ، وبعدها هاء لبسطها ، وتمكين مدها . نحو : يا زيداه ، ويا عمراه .
وتكون الألف للدلالة على الندبة في المنادى المفرد ، وتكون في المضاف إليه .
نحو : يا غلام عمراه .
وتكون في آخر صلة الموصول . ومنه كلامهم : وأمن حفر بئر زمزماه .
ـــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ عشراء : ما مضى على حملها عشرة أشهر . سيراء : نوع من النبات .
2 ـ بركاء : تعني ساحة الحرب .
3 ـ الزمكاء ، والزمكي منبت ذنب الطائر .
4 ـ رصف المباني ص 144 بتصرف .
ونحو : وا أمير المؤمناه .
ويقول صاحب رصف المباني : " ويجوز في هذه الألف أن تنقلب ياء تارة ، وواوا تارة أخرى بحسب الحركة قبلها إذا خيف اللبس . نحو : وا غلامَكيهْ " (1) .
ويقول سيبويه : " وتقول : وا غلامَكيهْ إذا أضيفت الغلام إلى مؤنث ، وإنما فعلوا ذلك ليفرقوا بينها وبين المذكر إذا قلت : وا غلامكاه " (2) .
* ويجب في ألف الندبة أن يفتح ما قبلها دائما سواء كانت الحركة قبلها مكسورة ، أو مضمومة ، لأنها حينئذ تكون تابعة للألف ، ولا يكون ما قبل الألف إلا مفتوحا .
ثانيا ـ ألف الفصل :
هي الألف الفاصلة بين نون التوكيد ، ونون ضمير الجمع المؤنث . نحو : اضربنان ، واكتبنان .
فلولا الفصل بالألف بين نون التوكيد ، ونون جماعة الإناث ، لاجتمعت ثلاث نونات فيقال : اضربْنَنَّ ، وذلك مستتقل .
وتأتي للفصل بين الهمزتين لتخلص من الاستتقال أيضا .
ومنه قراءة هشام بن عمار السلمي : { أاأنذرتهم أم لن تنذرهم لا يؤمنون }3 .
ومنه قوله تعالى أيضا : { أاأنزل عليه الذكر }4 .
ولكن هناك من القراء ، والنحاة من سيهل الهمزة الثانية بين بين تخفيفا ، ولا يدخل ألفا بينها ، وبعضهم يدخل الألف مراعاة للأصل ، وبعضهم يخففها ، ولا يدخل ألفا ، لأن الهمزة الأولى عارضة .
90 ـ فمثال الفصل بين الهمزتين قول ذي الرمة :
أيا ضبية الوعساء بين جلاجل وبين القنا أاأنت أم أمّ سالم
الشاهد قوله : " أاأنت " فقد فصل بالألف بين الهمزتين هربا من الاستتقال ، وترسم
ــــــــــــــــ
1 ـ رصف المباني ص 120 .
2 ـ الكتاب لسيبويه ج2 ص224 .
3 ـ 6 البقرة . 4 ـ 8 ص .
على هذا الشكل ( آأنت ) .
ومن أمثلة الجمع بين الهمزتين مع عدم الفصل بالألف قول الشاعر ( بلا نسبة ) :
أأنت الهلالي الذي كنت مرة سمعنا به والأريحي الملقب
غير أن الفصل بينهما أكثر ، والله أعلم .
همزة الوصل وهمزة القطع :
أولا ـ همزة الوصل :
هي كل همزة يلفظ بها في أول الكلام ، ولا تكتب ، للتوصل بها إلى النطق بالساكن ، وتسقط في وسطه ، وترسم ألفا عليها صاد صغيرة هكذا ( اّ ) .
نحو : انطلق اللاعب مسرعا . واضرب المهمل . واستعمال الفرشاة ضروري .
المواضع التي تكون فيها همزة الوصل :
1 ـ في الأسماء العشرة المسموعة ، وهي :
ابن ، ابنة ، امرؤ ، امرأة ، اثنان ، اثنتان ، اسم ، است ، ايم ، ايمن .
2 ـ الأفعال الخماسية ، والسداسية الماضية المبدوءة بهمزة ، والأمر منها .
نحو : انتصر ، انتظم ، استعمل ، استعان .
ونحو : انتصرْ ، انتظمْ ، استعمل ، استعن .
3 ـ مصادر الأفعال الخماسية ، والسداسية المبدوءة بهمزة .
نحو : انتصار ، انتظام ، استعمال ، استعانة .
4 ـ في أمر الأفعال الثلاثية ، المفتوحة المضارعة ، وساكنة الحرف الثاني ، ولم يحذف منها حرف الهمزة .
نحو : اضرب ، ارسم ، اكتب .
أما أفعال الأمر الثلاثية المحذوفة الهمزة للتخفيف ، فهمزتها في الأصل همزة قطع لأنها أصلية .
نحو : مر ، وخذ ، وكل . وأصلها : أمر ، وأخذ ، وأكل .
وأمرها أصله : أؤمر ، وأؤخذ ، وأؤكل . وهي كسائر الأفعال التي يسكن ثانيها في المضارع ، غير أن الأفصح حذف همزتها .
5 ـ في " أل " التعريف إذا اتصلت بالاسم . نحو : الرجل ، الكتاب .
فاللام حرف تعريف ، والألف قبلها همزة وصل (1) . أما إذا لم تتصل " أل " التعريف بالاسم فهمزتها همزة قطع .
* ويغلب على همزة الوصل الكسر نحو : انطلق ، اعمل ، استوي ، انتصار .
وتفتح في موضعين هما :
1 ـ مع لم التعريف . نحو : الكتاب ، الرجل ، الغلام .
2 ـ مع كلمة " ايمن " .
وتكون مضمومة في الأفعال المضمومة الحرف الثالث ضمة أصلية .
نحو : اخرُج ، اكتُب ، اشتُري ، اقتُتل .
فالهمزة مضمومة لأنها تتبع الحرف الثالث المضموم .
أما إذا كانت الضمة غير أصلية فلم تضم الهمزة ، وتبقى مكسورة .
نحو : امشوا ، اقضوا ، ارموا .
لأن الأصل : امشيوا ، اقضيوا ، ارميوا .
فحذفت الياء استثقالا ، وتبع ما قبل الواوِ الواوَ .
وكذلك إذا كان الكسر غير أصلي ، وكان الضم أصليا ، بقيت الهمزة مضمومة .
نحو : ادعي يا هند . لأن الأصل : ادعوي .
فاستثقلت الضمة مع كسر الواو ، فاتبع ما قبلها كسرة ، وقلبت الواو ياءً تخفيفا (2).
تنبيهات وفوائد :
1 ـ إذا استغني عن همزة الوصل بهمزة أخرى ، كهمزة الاستفهام ، حذفت همزة
ـــــــــــــــــــــــــ
1ـ اللمع لابن جني ص 308 .
2ـ رصف المباني ص 133 ، وابن الناظم ص 834 ، وشرح المفصل ج9 ص137 .
الوصل . نحو قوله تعالى : { أصطفى البنات على البنين }1 .
وقوله تعالى : { أتخذتم عند الله عهدا أم تقولون على الله ما لا تفعلون }2 .
91 ـ ومنه قول ابن قيس الرقيات :
فقالت أبن قيس ذا وبعض الشيب يعجبها
والشواهد في الآيتين قوله تعالى : " أصطفى ، واتخذتم ، والشاهد في البيت قوله :
" أبن " . ففي الشواهد السابقة حذفت همزات الوصل ، لدخول همزات الاستفهام عليها ، والمبين لذلك أن الهمزات الموجودة في الكلمات السابقة مفتوحة دلالة على أنها همزات استفهام ، في حين أن همزات الوصل غالبا ما تكون مكسورة . وقد أدى ذلك إلى أمن اللبس عند الحذف .
2 ـ وإذا دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل في لام التعريف " أل " فإن همزة الوصل لا تسقط لئلا يلتبس الاستخبار بالخبر ، لأنهما مفتوحتان ، بل تبدل همزة الوصل ألفا .
نحو قوله تعالى : { أآلذكرين حرم أم الأنثيين }3 .
وقوله تعالى : { أآلله خير أما يشركون } 4 .
فلو حذفنا همزة الوصل لالتبس علينا الأمر في الهمزة المثبتة ، أهي استفهامية أم همزة وصل ، لأن كلا من الهمزتين مفتوح .
ثانيا ـ همزة القطع :
كل همزة تثبت في النطق دائما سواء أكانت في أول الكلام ، أم وسطه ، وترسم ألفا مهموزة هكذا ( أ ) .
وتكون همزة القطع في المواضع التي لم نذكرها في همزة الوصل وهي كالآتي :
1 ـ الفعل الثلاثي المهموز الأول . نحو : أخد ، أكل ، أمر .
2 ـ الفعل الرباعي الماضي المهموز الأول والأمر منه .